استطاع الرسول الأكرم أن يرسخ قواعد القيادة الناجحة من خلال المميزات التي وجدت في شخصه "صلى الله عليه وآله وسلم" من قبل الله تعالى، فقد اختار القائد الناجح والمميز لحمل رسالة السماء كي يؤديها بالشكل الذي يليق بعظمته وبشخص النبي "صلى الله عليه وآله وسلم".
ففي طبيعة الحال عند اختيار شخص ليوليه مهام معينة أو تنصيبه قائداً في مكان ما فإن ذلك يحتاج إلى اختبار الأكفأ خلقاً وخلقاً وكذلك توفر شروط ومميزات خاصة لتوليها فالرسول "صلى الله عليه وآله وسلم" كان أهلا لها من غيره لأنه متفوق في جميع الصفات على البشر العاديين..
قامت (بشرى حياة) بإستطلاع رأي حول الموضوع ولمعرفة الآراء بذلك، فأجاب الأستاذ حامد الحمراني كالتالي:
القيادة هي ملكة داخلية تعطي لصاحبها القدرة على إقناع الآخرين وترغيبهم للوصول إلى الأهداف بالرغم من كل الظروف ليس من باب الإكراه وإنما عن طريق الرغبة والحب والشوق للوصول إلى الأهداف بعد الإيمان بالقائد ومشروعه المنتظر، ولأن نبي الرحمة صلى الله عليه وآله كان نموذجا سماويا متكاملا في كل شيء يتعلق بالإنسان وحياته وسعادته في الدنيا قبل الآخرة كان جذابا وهاديا لكل من التقى به أو عرفه أو سمع أو قرأ سيرته..
فالقيادة قدوة لمن أحبها وأحب من يمثلها لأن المحبة تدعوا للإصلاح مبتدأ بنفس الشخص وتلك أولى خطوات القيادة، ولأن القائد عنده المعرفة والعلم بالطريق المستقيم للوصول إلى جادة الصواب فيرضخ له الآخرين ليأخذ بيدهم للوصول إلى الهدف في كل الظروف إلى الحق الذي هو بوصلة القياديين.
وكل من اطلع على سيرته صلى الله عليه وآله وتعامله مع نفسه والآخرين يصبح ذو جبنة قيادية لأنه سيمتلك المعرفة بل اليقين اضافة إلى دروسه في الإقناع للوصول إلى الهدف وهو صناعة الإنسان الكامل الذي لا يصدر منه إلا الخير والصواب قولا وممارسة وطقوس على طول الطريق حيث لا تأخذه في الحق لومة لائم.
وحتى عملية إنتاج السعادة التي هي تكامل النفس والروح لا تتجلى إلا عندما يتصدر العقل حاكمية وقيادة جميع القوى الفاعلة بالإنسان عن طريق اختيار الأوساط الأخلاقية وإشاعة الفضيلة للنفس وهي الوسط بين رذيلتين سواء كانت الغضبية أو الشهوية أو المتخيلة أو العاقلة..
أما الكاتب علي عبيد أجاب:
أعظم النقاط التي اعتمد فيها النبي (ص) للنهوض بواقع الأمة.. تكمن في تركيزه على الجانب الأخلاقي.. فالأخلاق تصنع العظماء.. قادة ومفكرين ومبدعين.. ولا فائدة ولا نجاح لقائد أو سياسي أو مفكر بلا أخلاق.. والأخيرة تنهض بالإنسان.. وتجعله مسؤولا ناجحا عن نفسه أولا وعن حقوق الآخرين.. وقد تخرج من مدرسة الرسول الأكرم أعظم قادة المسلمين وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام المحنك سياسيا وأخلاقيا.. والذي تتلمذ على يديه قادة على شاكلة مالك ابن الأشتر.. فكان حافظا لأمانة القيادة والمنصب وصان حقوق الناس دونما فرق بين إنسان وآخر فالكل سواسية في عرف القائد الناجح من حيث الحقوق والكرامة...
نعم يمكن للمسلمين اليوم صناعة قادة من طراز القادة الذين صنعهم الرسول والإمام علي.. لكن شريطة الاطلاع الجاد والعميق والمؤمن بسيرة الرسول وتلميذه النجيب الإمام علي... يجب على ساسة المسلمين اليوم أن يطلعوا عن كثب على الجانب الأخلاقي للرسول (ص) ورفعه لشعار(إنما بُعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق )... وهذه أول وأعظم خطوة لزجّ الجانب الأخلاقي وإظهار دوره الراسخ في صناعة قادة مسلمين يعيدون مجد الأمة لسابق عهده.. ولتستعيد أمة المسلمين دورها التليد بظهور قادة يتتلمذون في مدرسة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم...
وأجابت نهاد اليساري قائلة:
اتصف النبي محمد "ص" بصفات القائد الناجح الذي يستطيع أن يصدر قراراً صائباً في الوقت الصائب ويتدارك الأمور وكيفية التعامل معها خصوصاً وهو صاحب الدعوة إلى الإسلام فلولا شخصيته القيادية لما اختير لذلك وتحمل أمور لا يستطيع تحملها الشخص العادي بسبب افتقارنا لتلك الصفات المتمثلة بالقابلية العقلية التي تستطيع معالجة الأمور مع صعوبتها واستخدام أسلوب السياسة الحكيمة.
ويمكننا أن نسير على خطى الرسول الكريم وأهل بيته (عليهم السلام) بالانتهاج بسنته وتطبيق أقواله والتخلق بأخلاقهم التي نصوا عليها لأن الإنسان بطبيعة الحال هو قائد فإن أحسن قيادة نفسه أخذ بها إلى الفلاح وإن أساء إليها فقد خسر وذلك هو الخسران المبين.
للرسول أقوال وروايات ذكرت القيادة والمسؤولية وكيفية ادارة الشؤون وغيرها من الأمور التي تضع الحدود الأساسية للقضايا الإنسانية والتعاملات الاجتماعية بصورة عامة ليجعلها دستوراً ننتهج منه في اتخاذ القرارات المهمة والمصيرية وحتى اليومية على مستوى البيت والعمل وغيرها فقوله عليه الصلاة والسلام: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته". هو خير مصداق لبيان أهمية التركيز على قيادة النفس والأخذ بزمام الأمور لأن النفس تحتاج إلى قيادة ناجحة بالتالي الفلاح في قيادة النفس يولد قيادة ناجحة تتسم بالشجاعة كما في شخص الرسول "صلى الله عليه وآله وسلم".
كان يتمتع بصفاتٍ قياديةٍ مهمّة كالصدق والأمانة والشجاعة ومعرفة أداء الأمور بصورة تليق بالمواقف ولذلك أثرٌ مهمٌّ في اتّخاذه للقرارات المصيرية كما كان يحرص على مُشاورة أصحابه، والحِوار معهم، وخدمته للناس، ومُشاركتهم في أعمالهم، والتعامُل معهم بين الحزم والعفو، وثباته على مبادئه ودعوته، وحزم إرادته، وعدالته، وزُهده، ومُحاسبة جميع الناس حتى وإن كانوا من أقربائِه، وحرصه على تجميعهم ونبذ الخلاف والفُرقة بينهم، والجُلوس معهم، والقُرب منهم، ورفع معنوياتِهِم، وتميّز النبيّ أيضاً بذكائِه وعبقريّته في قيادة الجِيوش، وفي تقديره لقوّة أعدائِه..
اضافةتعليق
التعليقات