تخبئ لنا ذاكرتنا مواقف وأحداث مصحوبة بمشاعر وأحاسيس ظنناها اندثرت وماتت وأسدل النسيان ستاره عليها، لكن ما ننفك لتخرج لنا ذكرى فتتراء لنا تلك الوجوه وذلك الإحساس من ركام الماضي.
اليوم قادتني ذاكرتي وانا أشاهد فيديو مسجل لمعلمة أوربية تكلمت فيه عن أهمية قيمة التواصل والعلاقات الإنسانية بين المعلم وطلابه، وكيف تساهم برفع احترام التلميذ لذاته مستشهدة بقول لجيمس كومر: (ليس هناك تعليم عظيم يحدث من غير علاقة عظيمة)، وتقول: لا يستطيع المعلم أبدا أن يحب طلابه كلهم، فهناك من يصعب التعامل معهم لكن ماهو مهم أن لا يجعلهم يعرفون بذلك أبدا أبدا فالمعلم عليه أن يكون أفضل ممثل، وهي مهمة صعبة ولكن غير مستحيلة، فأرث المعلم في مهنته هي العلاقات الطيبة، وثمرة التعليم هو خلق جيل لا يخاف من التفكير والمجازفة، ولديهم بطل يقتدون به وربما يكون المعلم.
ثم ذكرت حوار مع زميلة لها في العمل كانت تخالفها الرأي حين قالت: لا يدفعون لي كي أحب الطلاب.... يدفعون لي لأدرس درسا والطلاب يتعلمونه وهنا تنتهي القضية.
فكان ردها: هل تعلمين إن الطلاب لا يتعلمون من شخص لا يحبونه.
وهنا تذكرت كيف تشاركت مع صديقتي التي تجلس بقربي مشاعر الحب والإعجاب للمعلمة الجديدة في مدرستنا فكانت ممشوقة القامة ولها شعرٌ مسدولٌ على أكتافها وتدفن يديها دائما بالجيوب الكبيرة الأمامية لتنورتها، حتى جاء ذلك اليوم ودخلت أم صديقتي للصف لتسأل وتستفسر عن مستوى ابنتها الدراسي وقفت المعلمة والأم قرب باب الصف وبدأتا الحديث وكنا جلوس نستمع ونرى، وقتها أتذكر أصبت بالحزن الشديد فنظرة واحدة لصديقتي كشفت بها مدى خجلها وحزنها وخوفها من عقاب الأم بعد أن وصفتها المعلمة بالغبية جدا وقليلة الاستيعاب وعديمة الفائدة، أما الأم فقد وقفت محرجة متلعثمة وهي تحاول أن تجد التبريرات والأعذار لابنتها، والغريب في الأمر وانا انظر للمعلمة اكتشفت أن صوتها عالٍ وفمها كبير وألفاظها قاسية وغير مسئولة وذاب ذلك الإعجاب في تلك اللحظة فقد عرضت الطفلة للإحراج وتنمر الطالبات عليها وأثارت غضب والدتها وربما لاقت عقابا جسديا أو معنويا في حينها، والأكثر من هذا هو إعلان انتهاء علاقتنا الودية أنا وصديقتي مع تلك المعلمة فلم يبق إلى يومنا هذا سوى ذكرى حزينة وإرث لعلاقة سيئة.
اضافةتعليق
التعليقات