تزداد ظاهرة التحرش في المجتمع العراقي، وخاصة في الأماكن التي تجتمع فيها العوائل كالمتنزهات والحدائق العامة، وبعيدا عن الشارع العام ودائرة العمل ومواقع التواصل الاجتماعي، ما زالت المرأة العراقية تعاني من هذه المضايقات سواء كانت جسدية او لفظية، ولم نشاهد قوة تمنع هذه الظاهرة. فمنذ عام (2003) والشباب منفتح ويعيش حالة من الانفلات الاخلاقي والديني من دون أي محاسبة او مراقبة وعلى مرأى ومسمع الجميع، فقد تناول الاعلام حديثا بعض المقاطع التي عرضت حالات التحرش في متنزه في بغداد، واخرى في الشارع العام حيث ضربت المرأة المتحرش بعصا كهربائية امام الملأ، المشهد الاخير يدل على ان المرأة العراقية اصبحت تتصدى لهذه الظاهرة وليس كما في السابق حيث كانت تكتفي بالصمت امام هذه الانتهاكات وصارت تدافع عن نفسها وجسدها، ويشمل التحرش الفتيات العاملات في الاسواق عازبات أو متزوجات وفي اماكن العمل قد يكون المتحرش رب العمل، او زائر او يكون متسوق، ويبقى في نظر المجتمع متحرش.
وفي صدى هذا الموضوع شاركت معنا السيدة (مريم ع) موظفة في القطاع الخاص، واشارت أنها تعرضت لاكثر من مرة لهذه المعاكسات من قبل الموظفين فكانت تمنعهم وترفض ان تحدثهم، وحاولت كثيرا ان تقدم بلاغا فيهم، لكن كالعادة لا احد يستمع الى هذه البلاغات ويتهمون المرأة ويخرج الرجل منها، لذلك ماكان بوسعي الا ان اترك العمل معهم وابحث عن عمل اخر حفاظا على نفسي من هذا التلوث الاخلاقي.
تابعت السيدة مريم حديثها: هناك الكثير من الزميلات تعرضن ايضا للتحرش لكنهن رفضن ترك العمل بسبب الوضع الاقتصادي وسوء حالتهن المادية، جعلهن عاجزات عن الرد او الافصاح ويكتفين بالصمت، رغم معرفتهن ان هذا العمل قد يؤثر على سمعتهم او اسرتهم، وفي المقابل يشعر المتحرش أن المرأة ضعيفة أو أنها راضية بما يفعل وان كان العكس، ولهذا قد يتطاول اكثر واكثر، فهو لا يجد من يوقفه، وبحكم علاقاتي في العمل اجد اغلب التحرش هو لفظيا.
ويشير الشاب (عامر) ان هذه الظاهرة ليست بحديثة الظهور فهي موجودة منذ سنوات لكن الان بدأ الاعلام يسلط الضوء عليها ويتناولها البعض في مواقع التواصل، لكن الحقيقة هي انعكاس الصورة ففي بعض الاماكن تجد الفتيات يرتدين الملابس الغير محتشمة، وتظهر مفاتن جسدها، وتضع المكياج، وعندما تسمع كلمة من شاب مراهق تقول الشباب جاهلين ولا يحترمون حرية المرأة، أي حرية هذه!، وانا شاهدت ايضا بعض المحجبات او يدعون انفسهن بالمحجبات وهي ترتدي العباءة المزخرفة والمكياج والشال المزخرف، والاكسسورات البراقة، والاظافر الملونة، وتقول انا محجبة! انتن كنساء تنظرن اليها فكيف بشاب يرى امامه والعرض مجاني، وهي من سمحت له بخروجها بهذا المنظر، لتسمع كلمات الحب والإعجاب .
كيف نواجه هذه الظاهرة وما هو الحل؟
لمعالجة هذه الظاهرة علينا اولا توعية الشباب والفتيات بخطورة هذا الامر من خلال الندوات والجلسات الثقافية، وتقوية الوازع الديني ويبدأ من الاهل لمساهمتهم في الحد من هذه الظاهرة وتحذير الابناء وتربيتهم تربية صالحة ووقاية المجتمع من هذه الانحرافات.
ثانيا: احتشام المرأة في ملابسها فإنها تساعد في اخماد هذه النيران فقد اثبتت الدراسات ان ملابس المرأة هي التي تجذب الرجل للتحرش.
ثالثا: تجنب الاماكن المزدحمة من الشباب حتى لا تجعل نفسك في مكان التهمة.
رابعا: الحصانة الشرعية لمعالجة الثغور عند الشباب وهو الزواج.
خامسا: محاسبة المتحرش امام الملأ ليكون عبرة لغيره.
سادسا: يجب ان يمنع دخول الشباب في الاماكن التي تتواجد فيها العوائل خوفا من التحرش او التصوير.
سابعا: مراعاة النساء في الاماكن العامة هي دليل على ثقافتك وحرصك على اهلك وتذكر ان لك اخت وزوجة.. ومن يطرق باب الناس سيأتي من يطرق بابه ولو بعد حين.
احصائية التحرش في المجتمع العراقي
" إن الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين كانت قد نظمت ندوة عن ظاهرة التحرش بالصحفيات حيث تبين أن الصحفيات يتعرضن للتحرش مرتين، الأولى داخل مؤسستها الإعلامية والأخرى من المسؤولين الذين تلتقي معهم لإجراء حوار او لقاء صحفي، لكن منتدى الإعلاميات العراقيات كان اكثر جرأة حين ناقش هذه الظاهرة من خلال استبيان أجراه وتبين بنتيجته أن 68% من بين 200 صحفية تعرضن للتحرش و42% من هؤلاء الصحفيات واصلن العمل في حين 45% منهن تركن العمل بعد تعرضهن للتحرش، لكن النتيجة الأصعب في هذا الاستبيان هو ان 13% من هؤلاء الصحفيات طردن من العمل بحجج ضعيفة في حين ان السبب الحقيقي لطردهن هو عدم رضوخهن لرغبات مسؤولها!".
واحصائية اخرى اظهرت وأجرتها منظمة بوينت المتخصصة باستطلاعات الرأي والدراسات الاستراتيجية استطلاعاً شمل خمس مدن عراقية أظهر ان 73% من المشاركات وعددهن (500) امرأة من جميع الأعمار تعرضن فعلاً إلى التحرش الجنسي ضمن نطاق وظائفهن، وأشارت النتائج الى نحو 75% من اللواتي تعرضن للتحرش لم يخبرن أحداً عن تعرضهن له، لكن المتعرضات يواجهن المتحرش بنسبة 68% وان 58% لا يهتمن للتحرش، الأدهى من ذلك ان 85.1 في المائة من المشاركات يعتقدن بأن القانون لن ينصفهن بينما يُسبب لهن الفضيحة اذا قدمن شكوى، غير أن اغرب ما أظهرته الدراسة هو أن الموظفات يتعرضن للتحرش من ذوي المناصب العليا، وان 69% يتعرضن للتحرش والابتزاز الجنسي حين يأتي وقت السلـَّم الوظيفي للترفيع او حين يكون هناك إيفاد الى الخارج او دعوة لحضور مؤتمر في هذه الدولة او تلك".
" وعن الوضع القانوني لقضية التحرش الجنسي هذا ما جاء في القانون العراقي المادة 402 /1ب من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969: اما اذا كان الفعل المادي المكون للجريمة يتعدى للملامسة الجسدية فيكون عند ذاك جريمة منصوص عليها في المادتين 396، 397 من القانون أعلاه".
اضافةتعليق
التعليقات