ذهبت سيِّدة ضخمة وطويلة وعريضة المنكبين ووجهها أسود مخيف إلى مكتب محاماة، فبدأ المحامون الرجال يتسلُّلون واحد تِلو الآخر إلى الخارج، ولم يتبقَ سوى فتاة لاستقبالها، كانت قلقة من شكلها وتتجنّب النظر إليها، حتَّى بدأت حديثها فقالت:
أنا سيِّدة كان الرجال ينفرون منِّي حتَّى وصلت لسن اﻷربعين ولم أتزوّج، وفي يوم زارتني جارتي وعرضت عليَّ الزواج من مقاول أرمل ولديه أربعة أطفال..
بشرط... أن أخدمهم وألاَّ يكون لي طلبات كزوجة، فوافقت... وتزوَّجت!.
ومرَّت سنوات وأنا أرعى الأولاد كأنَّهم أبنائي، وغمرتهم بحناني حتَّى أصبحت لهم أُمَّا يحبُّونها ويقدّرونها.
وحدث أن نجح زوجي واغتنى أكثر، والغريب... أنَّه أحبَّني وبدأ يُعاملني كزوجة! وقد أتيت إليكم ﻷنَّ زوجي مات وكتب لي عقارات تُقدّر بالملايين ولم يعترض أولاده!.
ولكنِّي أُريد أن أُعيد إليهم أملاكهم وأخرجت اﻷوراق والعقود الَّتي تُثبت صحّة كلامها!! فصمتت السيِّدة وتجمّد الكلام على شفتي الفتاة الَّتي كانت تشمئز منها، عندما رأت سيِّدة تلفظ هذه الملايين بجرَّة قلم!.
فسألتها وهي تشعر بالخجل من نفسها بعد أن شعرت نحوها بُحبٍ غريب لمس قلبها:
أليس أفضل لكِ أن تحتفظي ببيت تحسُّباً للزمن؟
فقالت: لا! يكفيني حُب الأولاد لي، والله الَّذي رزقني الحُب بعد الجفاف، سوف يرزقني ويهبني معه كل شيء!.
هذه القصة نالت اعجابي كثيرا، اصبحنا نهتم بالجمال ونحكم عليه من دون اي معرفة بالاشخاص وقد نسيء الظن بهم، فليس كل جميل يملك روحا جميلة، وكذلك سيء المنظر قد يملك اخلاقا تجعله جميلا في عيون من حوله، وهذا ما حث عليه الاسلام بالتقرب الى الناس والتودد اليهم ومراعاتهم لا على حساب الجنس او اللون او العرق، فقد قال صلى الله عليه واله وسلم: ((ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق)).
ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال ((يا أبا ذرٍّ، ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: عليك بحسن الخلق، وطول الصمت، فو الذي نفس محمد بيده، ما عمل الخلائق بمثلهما)).
اضافةتعليق
التعليقات