يحدق في شباك الحرية، جثته الثقيلة تعتلي الأرض، وروحه الشهيدة تحلق في سماء الوجود طالبة تذكرة مرور الى العالم الأزلي، موقفه القويم يستفز قلمي، ويجعلني اطلق عنان سؤالي الأحمر المتلون بدمه الطاهر الذي ما تبركت به الأرض بعد...
- لماذا لم تحقق امنيتك وتلحق بركب الشهداء في ساحات الوغى؟
هل تعتقدين بأني سأقدم روح فقيرة هدية للمولى؟؟!.
اذا كنتِ في مكاني واردتِ ان تهدي شيئا لإنسان عزيز عليكِ اما كنتِ تهتمين بالهدية كل الاهتمام؟، وتجعليها تبدو جميلة لكي تليق بمقام اهلها؟.
لا اظنك ستقدمين لرئيس الوزراء علبة شوكولا رخيصة!، او قطعة من القماش البالي؟، بلا شك ستهيئين افخر انواع القماش واغلى ماركات الشوكولا والعطور..
اذن كيف تريدين مني ان اقدم روحاً فارغة للمولى؟، روح رخيصة لا تليق بعظمة وغنى المعشوق!، لن اشتري لها الشهادة بهذه الهيئة الوضيعة.
احاول ان اعمل ليلاً ونهاراً لكي اهيء لنفسي روحاً فاخرة، استطيع ان اقدمها الى المولى وانا رافع رأسي غير خجل.
لأن الشهادة مقدسة جداً، اذن من المهم ان يروض الانسان نفسه بترانيم العشق الالهي، ويكمل تعليمه الأكاديمي ويحصل على مراتب مرموقة في انتسابه لطريق اهل البيت، ويلبي الجهاد الأكبر في خدمة البشرية، بعدها يستطيع ان يقدم روحاً يفتخر بها... روح تعب عليها كي تصل الى هذه المرحلة.. روح مميزة، وانجازات ترفع الرأس.
روح مطعمة بالعلم والمعرفة... روح زهيدة، روحٌ تخلدها المواقف والعبر.. روح افتخر بها عند البزوغ، روح تليق ان اقدمها قرباناً لله.
هنالك الكثير من الشهداء قدموا ارواحهم فداءاً للوطن، لهم منزلة عظيمة جداً، لا زال الإسلام يذكرها لهم، ولكن حتى الشهداء لهم منازل ودرجات، (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)!.
اذن هنالك فرق عندما اقدم روحا عالمة تعبت عليها وتجرعت معها صعاب الحياة في ارتشاف العلم والعمل، وحاربت معها الهوى والمغريات، وكنت ارى معها لذة الحرام واتركها بمحض ارادتي وقوة ايماني، مع روح استيقظت من النوم واتجهت نحو ساحات القتال تاركة خلفها اهواء الدنيا دون ان تعلن مع نفسها الحرب!.
انا رجل طامع في كرم الله، لا تكفيني عبارة شهيد، بل اريد ان اكون شهيدين، استشهد مرة عندما احارب المحرمات والذنوب في الحياة، واصل بنفسي الى مراتب اكاديمية عالية في العلم والخدمة الإنسانية، واستشهد مرة اخرى في ساحات القتال من اجل بقاء الإسلام، فالخطوات الفعلية والشعارات التحفيزية هي التي تزرع في نفس الإنسان معنى التضحية!، وهي التي تدفعه الى ساحات الوغى من اجل الدفاع عن مبدأ او عقيدة، فبكل الاحوال الارض تحتاج الى الدماء كي تحيا والأمة تحتاج الى عقول!.
اضافةتعليق
التعليقات