لكل قومٍ أو مجموعة من الناس أو بلدٍ، أصالةٌ وعاداتٌ وتقاليد وثقافةٌ تخصهم، يقومون بممارستها وتوريثها للأجيال جيلًا بعد جيل، فتميزهم عن غيرهم.
وفي عصر التكنولوجيا هذا، تمكَّنّا من الاطلاع على الكثير من الحضارات والثقافات المختلفة، فمن الطبيعي أن نستغرب طقوسًا وعاداتٍ لم نعتد عليها، ولكن غير الطبيعي والغريب هو تقليدُنا الأعمى لهم؛ فنكتسب من غيرنا ثقافاتٍ جديدة، ونبدأ بنسيان ثقافتنا الأصيلة...
من الجميل أن نطّلع على ثقافاتٍ أخرى ونتعرّف عليها، إلا أن غير الجميل هو أن نخجل من ثقافتنا ونستبدلها تدريجيًّا!
لمَ نخجل، وهي ثقافةٌ رائعة، عريقة، وقديمة، وُرِثَت ووصلت إلينا عبر السنين، وتُعتبَر رمزًا لنا؟
نرى في هذا العصر القِلّة القليلة من الشباب، وحتى الكهول، ممن يرتدون الزي العربي العراقي الأصيل، لما وجد من "ستايل" حديث من بلدانٍ أخرى، تحت مسمّى "ترند"، فتخلّى شبابُنا عن أصلهم، وارتدوا لباسًا يواكب التطور والترند...
ومن الجميل أيضًا أن نجرب أشياء جديدة، ولكن دون التخلي عن "الأصل".
فكان الزي العراقي، الذي يكتمل مثلًا بـ(الشِماغ الأحمر)، لدى آبائنا وأجدادنا الكبار، يُعرَف من خلاله أن هذا (عراقي)، أما في يومنا هذا، فلا يمكن التفرقة بين ابن البلاد والغريب...
أما عن النساء، فقد وصل الحال إلى أدنى مستوياته؛ حيث لم تكتفِ معظم النساء بالتخلي عن "الزيّ الزينبيّ" المحتشم الأصيل، واستبداله بالملابس غير الساترة فحسب، بل تجرأت بعضهن أيضًا على نزع الحجاب، الذي يغطي الرأس، ويحافظ على الهيبة والجمال، واخترن أن يكنّ عُرضةً لكل الناس، وصارت "الموضة" شغلهنّ الشاغل، وإن كانت تتعارض مع دينهنّ، وعفتهنّ، وأصالتهنّ!
قال تعالى في محكم كتابه الكريم، الآية ٢٦ من سورة الأعراف:
﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾
إن الله تعالى أمرنا بالستر، وأنزل علينا فيضًا من نعمه، وأرسل إلينا رسلًا وأنبياء، يعلموننا العفّة والتقوى والحياء...
فلماذا نستورد كل ما هو غير جيد ونتبنّاه، رغم معرفتنا بقبحه، ونكون مُقلدين بلا وعي؟ بدل أن نفتخر ونُصدِّر أصالتنا، ونجعل العالم يرغب في تقليدنا، وبكامل الوعي؟
هناك تخريبٌ واضح في إعدادات هذا الجيل، فالشمس لا تُغطّى بغربال!
الأصالة، المتمثّلة في ديننا الإسلامي، وعاداتنا وتقاليدنا، شيءٌ ثمين، يجب علينا الاعتزاز والافتخار به، والمحافظة عليه، وتوريثه إلى الجيل الجديد، بل وحتى نشره في جميع أرجاء العالم، والتمسّك به، والدفاع عنه؛ فالأصالة رمزٌ وقوةٌ، تمدّ الأجيال بالوعي لصنع المستقبل الواعد.
اضافةتعليق
التعليقات