إن الصراع من أجل الوصول إلى "التفوق" هو المفتاح لشخصية الفرد، ونرى دلائل على هذا في كل مراحل النمو النفسي للفرد، ونستطيع أن نستخدم هذه الحقيقة في فهم أسلوب الحياة الخاص بكل فرد على حدة، ولكنَّ هناك نقطتين علينا أن نتذكرهما دائماً.
أولاً: نستطيع أن نبدأ من حيثما شئنا، فإن كل تعبير سوف يقودنا في نفس الاتجاه ألا وهو الحافز الرئيسي، أو الفكرة الأساسية التي بنيت من حولها الشخصية.
ثانيًا: يوجد أمامنا مخزون هائل ومتاح من المواد التي يمكن استخدامها، فإن كل كلمة وكل فكرة وكل شعور وكل حركة تساهم في فهمنا لمفاتيح شخصية هذا الفرد، وأن أي خطأ نرتكبه في تقدير أي مادة من تلك المواد المتاحة يمكن تصحيحه بالرجوع إلى باقي المواد .
نحن لا نستطيع أن نقرر بصفة نهائية معنى أحد هذه المواد (الجزئيات)، بل إنه من الواجب علينا أن نرى الدور الذي تقوم به تلك الجزئية، وكل الجزئيات (المواد) التي تقول الشيء نفسه، وإذا ما أمعنا النظر فيه فإننا سنجد أنها هي التي توجهنا نحو الحل.
نحن مثل عالم الآثار (105) الذي يجد شظايا، وبقايا من أدوات، وحوائط ومباني، وآثاراً محطمة، وأوراقا من البردي، ومن خلال هذه الشظايا يتمكن من الاستدلال على طبيعة وشكل الحياة في تلك الفترة البائدة ..
ولكننا لا نتعامل مع أشياء بائدة وإنما نتعامل مع آلاف الجزئيات والمواد المرتبطة ببعضها البعض، والتي تشكل الإنسان وشخصيته.
إن مهمة فهم إنسان ليست بالمهمة السهلة، وعلم النفس الفردي يعتبر من أصعب فروع علم النفس التي يمكن ممارستها .
فإنه من المفروض علينا أن نصغي للمشكلة برمتها، وأن نظل حذرين ومتشككين حتى يصبح مفتاح الشخصية واضحاً، كما أنه من الواجب علينا أن نجمع الكثير من الإشارات والتلميحات التي تأتي بصورة عفوية من الطريقة التي يدخل بها الشخص غرفة ما ومن الطريقة التي يصافح بها الآخرين ومن أسلوبه في الضحك والابتسام وطريقته في المشي والكلام.
ربما جانبنا الصواب في فهم واحدة من تلك النقاط أو الجزئيات ولكن باقي الجزئيات ستقوم بتصحيح فهمنا وتصويب الانطباع الذي نأخذه عن هذا الفرد.
يمكن اعتبار العلاج في حد ذاته تدريباً واختبارًا للقدرة على "التعاون"، إننا يمكن أن ننجح فقط إذا ما كان اهتمامنا بالآخرين حقيقياً، فيجب أن نطور قدرتنا على الرؤية من خلال عيونهم والسماع باستخدام آذانهم حتى نحصل على مساهمتهم في تحقيق هذا الفهم المتبادل، فحتى لو شعرنا أننا تمكنا من فهمهم فإنه لا يوجد دليل على صحة شعورنا هذا حتى لحظة تمكنهم من فهم أنفسهم.
فإن الحقيقة غير المهذبة وغير اللبقة لا يمكن أن تكون كل الحقيقة؛ لأنها تفضح عدم فهمنا الكافي لتلك الحقيقة.
اضافةتعليق
التعليقات