إنهُ لَقرارٌ غبي أن تفكري بالإنجابِ وأنت في سنِ الثالثةِ والعشرين فقط! حسناً، لم يخبرني أحدٌ بهذا وقتها، لم أرَ احداً يتشكى ويتباكى من الأطفال، باختصار لنقل إنني لم أفكر جيداً أيضاً.
إلا إن فكرة الحمل كانت مغريةً جداً، من أول ساعة علمت بوجود طفل في داخلي عدت للمنزل لأكتب له، وجدت أخيراً من سأكتب له ليقرأ، من أتحدث معه ليسمع، صغيري كان ملجأي، أو (صغيرتي) كما علمتُ بعد عدة شهور.
لطالما تمنيتُ أن أحظى بصبيٍ، أظن إنني أقرب لفهم الأولاد من البنات، لكن اختارها الله أن تكون بنتاً، و"الخير فيما اختاره الله" كما اعتادت صديقتي أن تقول.
إذا سألتني عن أسعد فترات حياتي، بلا تردد سأجيب حملي بها.
لم نكن لننام أنا وأبيها إن لم نحدثها قليلاً، نخبرها كم إننا نحبها، ونحدثها كيف مضى يومنا وعن كمية اشتياقنا لوجودها بيننا. كم كنت أسعد عندما أرى بطني تكبر شيئاً فشيئاً، عندما أرى الوقت الذي يفصلنا يقصر رويداً رويداً. حسنا، ها قد أتى شهري التاسع، إنها كبيرة جداً، تقريبا لم أعد أرى قدميّ، لم أعد أستطع النوم لأنها تخنقني.
أتذكر كم خفت عندما لم تتحرك لمدة يومين بعدما ذهبت للسباحة في بيت جدي، بعدها تحركت قليلاً، فرحت حقاً، يبدو أنها كانت مرهقة فحسب، غريب أليس كذلك؟ كيف عساها تكون مرهقة وهي محمولة طوال الوقت! ها قد انتهى شهري التاسع، لم تأتي صغيرتي بعد، هل تراها تنتظر أن أختار لها اسماً؟ من أصعب قرارات حياتي أن أكون مسؤولة عما سينادونها به طوال حياتها.
دخلنا في العاشر، كان شهر نوڤمبر، يبدو أنها تحب الرقم الحادي عشر، كم هي لطيفة... في اليوم الرابع من نوڤمبر، يبدو أنها تفكر قليلاً بالخروج، هل تكون ملت داخلي؟ إنها تؤلمني كثيراً، أظن أنها تركلني بقوة، تحاول الخروج، صغيرتي العنيفة، كان علي أن أكتشف كم هي قوية منذ ذلك الوقت.
أتت أمي، زوجي خائف أكثر مني، أظن أن الجميع خائف أكثر مني، حتى أخواتي وأبي، لما لست خائفة، ربما لأنها معي أنا لا معهم.
أحبها، كم أنها تقويني.
حسنا، انتهت 21 ساعة من اللألم، حلت الساعة التاسعة مساءً، قررت الخروج أخيراً، هل تحب رقم 9 أيضاً؟ غريبة هذه البنت وأرقامها.
خرجت دون أن تخرج أي صوت، أخافت الجميع مجددا، هل تحب التمثيل؟ اكتشفت لاحقاً أنها تحبه أجل. بعد عدة دقائق، ها قد صرخت، ربما كان صراخها كناية عن قول (مفاجأة)! عندما سمعت صوتها أذكر أني قلت "حبيبتي"، المرة الأولى التي أقولها لفتاة. صاحت زوجة خالي من بعيد، ما اسمها؟ قلت بصوت خافت "سما"، وهكذا أتت السماء إلى الدنيا.
اضافةتعليق
التعليقات