مصطفاتٌ كجيشٍ عسكريٍ مُدرب في صفٍ طويل، كل واحدةٍ منا كأنها حبةُ الرمان ملتصقةٌ بالأخرى مشكلةٌ زخرفة الاتحاد وائتلاف القلوب..
ابتدأتهم قائلة: سأحملها، لقد عزمت على ذلك، أعلم أن حجمها أضعاف حجمي لكن قوة عزيمتي وإرادتي وحبي لعملي ستعينني على ذلك، ربما لو اغمضت عيني وتخيلت صغيراتي كيف يسعدن بهذه الحبةُ من السكر لخفَّ ألم ثُقلها عن كاهلي، هدفي هو اطعام صغيراتي، كيف سأُحققه إن لم أذق طعم التعب والعناء إن لم أعمل بأستمرارٍ ونشاط إن لم أنسَ الكسل؟.
لا أعرف الليل من النهار، صحيحٌ أن القمر فرض ظلامه على السماء والجميع نيام لكن لامانع من ذلك فكل وقت أجد فيه حبة سكر أسارعُ بحملها ونقلها على الفور من دون مماطلة أو تأجيل لِأُئَمِنَ مخزوناً لأسرتي فأنا لا أعلم متى سأرى ثانيةً حبةُ السكر، فعليَّ باستغلال الفرصة قبل فوات الأوان لأنها تمرُّ مرَّ السحاب.
لقد علَّمتُ ودرَّبتُ جميع أفراد المستعمرة على الجدِ والنشاط وتحقيق الأهداف والعمل الدؤوب وترتيب الأوليات وتحمل الأثقال من أجل أن نحيا بسعادة، وأنا فخورةٌ بهن.
لكن هناك آلامٌ تؤرقني فطموحي أعلى من تدريب جيش نمل، حلمي أن أرى جميع سكان الكرة الأرضية ينعمون بالسلام والسعادة يذوقون حلاوة طعم التعب حين يرون ثماره، كيف سأقنعهم؟؟ كيف سأروي لهم ماشاهدتُ من النهار في عمق الليل وهم لايفقهون كلامي؟؟
في تلك الليلة القمرية الخافتة كان الظلامُ دامساً أمسيتُ أسيرُ كالعمياء أتلمسُ بقدمي علّي أستشعرُ حبة سكر فجأةً أشرق المكان بنورٍ ساطع فأبصرتُ كما لم أبصر في حياتي، ظننت أن الشمس بزغت فرفعت رأسي لأرى القمر مازال مخيماً ثمَّ دُهشتُ أن النور الساطع كان يشعُ من رجلٍ أربعيني جميل غارت عيناه من البكاء يتصفحُ بيده سجلاتاً مستنداً إلى الجدار كأن سهماً قد أصاب قلبه أو حجراً قد كسر ظهره يأنّ ولا أعلم أين ألمه لأعينه فلقد سيطر حبهُ على كياني منذ الوهلة الأولى لمشاهدته..
حزنتُ عليه سمعتهُ يخاطب السجلات قائلاً : أحسنت ياسليم سرني عملك شكر الله سعيك، لمَّ قصرتَّ ياسعيد غفر الله لك، إن يدي تؤلمني كأن الرصاصة التي أصابت مازن أصابتني، إن قلبي لمحزونٌ لحزنكِ بوفاةِ أبيكِ يا ليلى، اللهم فكَّ أسرَّ جاسم وارزق جعفر رزقاً حلالاً مباركاً، اللهم آمين لكل دعاءٍ من دعواتِ شيعتي..
أولادي لقد حُجِبتُ عنكم لذنوبكم فهلا كففتم عنها ونصرتمونا فإن ذنوبكم تؤذينا وأنتم تعادوننا بجهلكم. إني غير مهملٌ لمراعاتكم ولا ناسٍ لذكركم والله لأنا أرحمُ بكم منكم بأنفسكم، فأعينوني على انتياشكم من فتنة قد أناخت بكم، اتقوا الله وتورعوا عن محارمه وتوبوا إليه وانتظروا ظهوري فإن أمري بغتة فجأة، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن في ذلك فرجكم وتزودوا بمحاسن الأخلاق فأنتم محسوبون علينا وإني لأحب أن أراكم تتخلقون بخلقي.
أنا نملةٌ ولا أعلم كيف هم شيعتك أيها الحنون ولكني أحسست كم هم محرومون منك بجهلهم لقدرك.
والله لوددت لو استطعت استبدال جميع حبات السكر التي جمعتها طوال حياتي بكلمات تصل إلى آذان شيعتك لتوقظهم من سباتهم العميق وغفلتهم عن نعمة عظيمة هي بين أيديهم ولايرونها!.
اضافةتعليق
التعليقات