في موقف إحدى المنازل في ولاية مينيسوتا الأمريكية، تتحرك فتاة في 13 من عمرها بكل رشاقة وسرعة وهي توجه الضربات لكيس الملاكمة أمامها بعزم وقوة، يرتفع صوت لهاثها في حين يتصبب العرق من جبينها، وهي تتابع التدرّب على التمرين الذي شاهدته على "يوتيوب" في اليوم السابق.
عبارة "أُفضل أن أُلكم على الوجه عوضاً عن تعلم المبارزة" كانت كفيلة بتغيير حياة الشابة الأمريكية أميا زافار إلى الأبد، ففي اليوم الذي اقترح والدها عليها التدرب على المبارزة، اكتشفت الشابة صاحبة الشخصية القوية والصارخة أن عشقها لا يكمن في تلك الرياضة بل في حلبة الملاكمة.
وبعد أيام من التدريب في مرآب المنزل دون كلل أو ملل، قرر والد أميا اصطحابها إلى النادي الرياضي لرعاية شغفها وإحيائه في البيئة المناسبة، التي ومنذ اللحظات الأولى من دخولها إليه، تجدّد عشقها لرياضة الملاكمة.
ويراود الشابة خليطاً من مشاعر "الحب والتعب والإرهاق والحماس"، في كل مرة تتخطى فيها الحبال الحمراء الثقيلة التي تحيط بالحلبة وتنغمس في عالم اللعب، إذ قالت لموقع CNN بالعربية إنها وبالرغم من ممارستها للعديد من النشاطات "فلا شعور يقارن" بذلك الذي تحصل عيله أثناء التدرّب على الملاكمة.
وكفتاة محجبة تمارس رياضة تتطلب جهداً جسدياً كبيراً، لم يخلو مشوار أميا من الانتقادات والتحديات، إذ كان العديد من الأشخاص يتفاجأون بأنها ملاكمة بسبب حجمها الصغير، كما حاول البعض الاستهزاء بها لكونها فتاة تمارس رياضة عنيفة، بعبارة "أنت تلكمين كالفتيات"، ولكن أميا، البالغة من العمر 18 عاماً، لم تجد في هذه العبارة عيباً بل لطالما كانت ترد عليهم بإثبات أنها "حقاً تلكم كالفتاة".
ولم تكترث الشابة بالانتقادات التي واجهتها، بل استمرت بمحاربة نظرة المجتمع داخل الحلبة والتمسك بحبال الدعم التي مدتها إليها عائلتها خلال مسيرتها الرياضية، ولكن المجتمع لم يكن العائق الوحيد الذي حاول عرقلة أميا في مشوارها الرياضي، ففي الوقت الذي أصبحت الشابة جاهزة لخوض أول مباراة لها، مُنعت من الاشتراك "بسبب ملابسها التي تخالف قوانين اللباس المتعارف عليها في الملاكمة".
صدمت أميا بردة الفعل التي تلقتها بسبب حجابها ولباسها المحافظ، إذ استذكرت استغرابها بالموقف قائلة:
"أنا في أمريكا وأنت لا تستطيع منعي من الاشتراك بسبب حجابي، فأنا سأستمر بالتدرّب وإن كنت في الـ 80 من عمري حتى تسمح لي بالمشاركة".
ورغم منعها من المشاركة بالمباريات كأي فتاة أخرى، لم تراودها فكرة "خلع الحجاب" "ولو للحظة" على حد تعبيرها، إذ قالت إنها "لا تعتقد أن القانون الذي منعها من المشاركة في مباريات القتال، كان ضرورياً لغرض رياضي..
وبعد الإصرار الشديد على المشاركة واستكمال تدريباتها رغم كل العقبات، مُنحت الشابة الأمريكية عفواً من قبل منظمة رياضة الملاكمة في أمريكا، واستطاعت في شهر أبريل/ نيسان 2017 الاشتراك في مباراتها الأولى.
وتسعى أميا زافار إلى حرق المراحل و"السعي قدماً نحو الاحتراف والتدرّب المستمر" رغم كل الصعاب والتحديات، كما أنها تتمنى أن تفيد المجتمع مثلما استفادت هي والانتقال إلى مهنة التدريب لنقل حبها وشغفها للآخرين أيضاً. حسب cnn العربية
اضافةتعليق
التعليقات