مخاض العجز يولدُ وحدة، اعصار الوجع يقتلعُ ما فيك من صبر، رؤية أنيسُك يصارع الالم ولمسات يديه وهو يتوكأ عليك راجيا مُخلص وأنت مقيدٌ بقيود الجماد، كالموتْ بل اشد وجعا،
إتهموني بالغدر والخيانة وانا نيرانُ الحزن تلتهمني، راقبتُ كلَّ ماحصل بضجيج الصمت..
كنتُ شاهدة على مافعلوه أهل الغدر،
قَدمَ إلي مسلم كنتُ بغاية السعادة وغاية الحزن في آن واحد -شعور متناقض - فهو حلوٌ حين وطأته قدما مسلم، ومرْ عندما تُجرُّ جثته..
سار في ازقة الكوفة وقد حُشّدَتْ له الجموع قرأ رسالة الامام الحسين (عليه السلام)،
سعدتُ بتجمعهم حوله توقعتُ منهم الوفاء،
لكن دماء الغدر أغرقت حتى آثار غِيرَتِهم..
سار في تلك الليلة المُغَطَى قمرها، وكانوا وراءه وصلت سعادتي الى الذروة بوجودهم الى جانبه ومالبثتْ حتى سقطت تلك السعادة في وادي الخَيبة بدأوا بالانسحاب شيئا فشيئا تمنيت لو كانت لي يد لاصفعهم، صرخت ولكن صراخٌ بلا لسان لاتلتقطه الآذان،
احدهم يهرب من ذاك الزقاق والاخر يسحب نفسه بهدوء،
ومسلم يشعر بهم، تمنيت لو يأمرني الله أن أُشَقُّ وأبتلعهم، بقي وحيدا أخذ العطش منه مأخذا،
يسيرُ وانا اتضور وجعا حتى أحله محل بيت طوعة،
تذكرتها انها موالية وجهتُ النداء الى جدراني..
صرخت تلك الجدران في اذن طوعة خرجت فسألته من انت فأجابها ب(غريب) تلك الكلمة التي هزّت كل حجرٍ في جدراني أأنت غريبٌ يامسلم وقد خُلقت الارض لاجلكم!!
طلب من طوعة الماء فسقته وعندما عرفت من هو ادخلته في دارها، تناسيت ما حصل واطلقتُ العنان لفرحة عبادة مسلم على صعيدي صلاة الليل، الدعاء، السجود، الشكر، كل ذلك كان بنكهة رائعة استشعرت تلك المناجاة..
حتى أتى ذلك اللعين سائرا بين جدراني حاولت أن اخبر طوعة (أن أخفيه) لكنها لم تفهم محاورتي وتحذيري..
جاء وعلم بوجوده ثم أخبر أبن زياد وانا في غيظ اردت أن اتحول الى بركان وابتلعه،
جاءوا صباحاً وحدث القتال وبرز ربيب علي (عليه السلام) بقوامه وبسالته فأنا لانسى ذلك القِوام وتلك الشجاعة..
وقاتل حتى اعطوه الامان الكاذب،
ذهب معهم وجرى ماجرى حتى حانت تلك اللحظة التي عزموا على رميّه من اعلى سطح القصر، اتجه الى صوب المدينة وسلم على الحسين (عليه السلام)،
وانا اشاهد ذلك وفي قلبي شجى، رموه
على أرضي من فوق جدراني شعرتُ بجسده ملقى عَلْيّ -سامحني يامولاي عجزتُ عن فعل اي شي_
انها مشيئة الله أن تكون اول شهداء الطف وعلى ارضي..
بدأوا بسحبه في الازقة تقطعت أترابي، ذراتي تطايرت، واردت أن اقتلعهم بعاصفةٍ مني لكن قدري وقف حائلا بيني وبينهم..
حتى دفنوه في ارضي احتضنتُ جسده الطاهر حضن الام المُلتقية بأبنها بعد فراق،
اطبقتُ عليه خوفاً من ان يستخرجوا جثمانه..
وبقيتُ انا وبكل فخر ارض الكوفة التي تقدست بأحتضان أحد أبناء أبي طالب ليكون لي إسمٌ في الوفاء وتكون أرضي روضة من رياض الجنان..
اضافةتعليق
التعليقات