هكذا تصوّرَته.. بنيانٌ بغرفٍ منظمة لتتشكل كصفوف لكافة المراحل و صالة جلوس كبيرة تشمل مسرحاً لعرض الفنون القيّمة مع مطبخاً واسع لطهي الوجبات الحسينية..
كانت تقول: اوّد بأن اريحكن برحلة التفقه في الدين.. بأن يكون مكانا بساحة مريحة يتسع للجلوس ولفتح حلقات نقاشية وللدراسة و النوم حتى ، مكاناً بإستطاعته أن يحويكن كأمٍ حنون واباً صارم (يعطف و يربّي)..
لكنها يأست احياناً او ربما تعبت كثيراً في رحلة البحث عن المكان المناسب، فكما يقال بأن يداً واحدة لا تصفّق، كانت ايدي كثيرة تمتد لها لتعينها ولكن تنسحب منها في نهاية المطاف حين تكون بأشد الحاجة لتلك الايدي..
تخيلوا معي كيف بإستطاعة شخص ان يحمل على أكتافه مكاناً بأجمعه مع اصحابه واشيائه ويدور به من محطة لأخرى بحثاً عن المقر المناسب؟!
هكذا كان وضعها.. تحمل مؤسستها الثقافية الدينية مع مكتبتها الفقهية العقائدية، مع طالباتها المخلصات ومع طاقمها الوفي في البحث عن المحطة المطلوبة بمبلغ قريب من ميزانيتها..
حين كنّا نرى وجهها التعب، تذهب بعض الأخوات لتواسيها على ثقل مهمتها ولكنها كانت تقول؛
لكي يصبح الهلال بدراً يحتاج الى وقت، يمكث قليلاً ثم يختفي ويظهر مرة اخرى، ولكنني اريد مؤسسة لطالباتي تظل تشع كالهلال على مدى الاشهر والسنين دون أن تنطفئ، اريد مكاناً لهن، لمواهبهن، لتنمية المجتمع من خلالهن.. سيتلاشى التعب حين اراه يرتفع وينمو بهدوء.. و يزهرن طالباتي به كنجمات السماء الصافية..
لطالما قتّرت على نفسها في سبيل جمع مبلغاً كافي من المال لشراء المكان ولكنها في المقابل كانت تعين المتعففين الذين يحتاجون له!! هذا ما يسمى بالبركة الإلهية..
جمّعت الأمل قطرة قطرة و حافظت على آخر ذرة من المال المبارك حتى وصل الى المبلغ الكافي لشراء المكان، كأمنّا خديجة.. ما قامت المؤسسة الا بسعيها وبجهدها و بعطاء الاخيار من البشر..
و ها هي تدير تلك المؤسسة الآن والتي اصبحت ملكاً لها في سبيل احياء الدين، حتى غدا جزءاً منها: حسينية يرفع فيها ذكر اهل البيت (عليهم السلام) في كل اسبوع..
فمن قال ان الامنيات والاحلام لا تتحقق الا بمعجزة ؟!.. يقال: حين تتمنى امنية او حلماً جميلاً، لا تتكلم فيه كثيراً بل اسعى لتحقيقه وحدوثه ليخرج من إطار الحلم ويصبح واقعاً.
و هذا الأمر لا يحدث فإن تسرعنا باتخاذ خطواتنا بعجلة و فوضى، بل يجب ان نحبك الطريق للوصول لأحلامنا بتأني و بدراسة الموضوع خطوة خطوة، اي نحاول بأن نستفيد من جميع الأمور التي بإستطاعتها أن تعيننا على نيل مبتغانا.. حتى الذرات البسيطة من الاشياء التي نعتقد بأنها لا تفيد!.
فهذا الكون خُلق لنا، لراحتنا، لتحقيق أحلامنا، مخطئ من يظن أن المستحيل موجود! بل يجب أن تُسنّ عبارة جديدة وهي: المستحيلُ مستحيل اي ان كل شيئ ممكن.. فقط بالتوكل على الله والتصرف بحكمة و منطق..
اضافةتعليق
التعليقات