قبل عدة ايام وجدت في حقيبة ابنتي البالغة من العمر عشر سنوات، رسالة قد كتبتها وختمتها بقلب كبير، الامر الذي جعلني باهتة لا اعرف القرار، فهذه المرة الاولى التي اجد رسالة عندها، وليست من عادتي ان افتش في اشيائها لكن هذه المرة كان الامر صدفة، فقد كنت ابحث عن قلم التلوين، ولأنها تركتها مفتوحة، وقعت عيني عليها، اخرجتها من دون علمها، خوفا ان يكون الامر خطير، فكثيرا ما كنت اخاف عليها من الاحداث التي تحصل في هذا الزمن.
عند المساء وبعدما خلدت ابنتي الى النوم، فتحت الرسالة وقرأت ما كتبت (مريم) ابنتي، اول ما جاء في الرسالة، السلام عليكم بابا نويل انا مريم طالبة في الصف الثالث، احبك جدا وقد سمعت انك تجلب الهدايا للأطفال، اريد منك ان تجلب لي خاتم وساعة، وان انجح في مادة الاملاء، واريد منك ايضا ان تجلب لي نظارة وقبعة حمراء، حتى ارتديها في عيد الميلاد، احبك جدا جدا، بابا نويل واعلم انك تحقق لي امنيتي كما حققت امنية صديقتي (زهراء)، وفي نهاية الرسالة رسمت قلب كبير وضعته فيه اسمها مع اسم المدينة التي تسكنها..
شدتني تلك الكلمات والتعابير التي خطتها ابنتي، ادرت وجهي نحو ابنتي وهي نائمة وبكيت، هل انا من جعلها تفكر بهذه الطريقة، ام ان صديقات المدرسة هن من جعلهن تفكر بهذه الطريقة، بدأت اعيش في دوامة من القلق والتفكير، فمن الصعب اقناعها ان هذه خرافة واننا كمسلمين لا يجوز لنا الاعتقاد بهذه الشخصية المزيفة، اعتصر قلبي من الالم، امة محمد ابنائها تحتفل بكريسمس وتجعل من بابا نويل شخصية مهمة لتحقيق احلامهم، احتفالاً بعيد ميلاد المسيح، أو بعيد الكريسماس.
لم انم تلك الليلة، واخذت اقلب الامر يمينا وشمالا، حتى وصلت الى قرار الاخير، هو ان اتحدث مع ابنتي وان اشتري لها ما طلبته واجعله باسم الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، حتى تعرف ان رسولنا اولى بهذا الاهتمام والرعاية، تأخر الصباح كثيرا، تركت الرسالة في حقيبة ابنتي، حتى لا تشعر بعدم الثقة او الخوف.
ذهبت ابنتي الى المدرسة، وبدأت في تحضير الفكرة التي رسمتها في مخيلتي، صنعت كعكعة وضعت عليها اسم الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وحققت لها امنيتها، (في كيس مغلف بالورد وضعت داخله الخاتم والساعة) ورسالة في داخلها، وعند عودتها وجدت المفاجأة في البيت، احتفال وهدايا، رمت بحقيبتها ارضا واخذت تحتفل مع اخواتها، عندما قطعت الكعكة، طلبت منهم الهدوء للاستماع لما اقوله لهم من حكاية..
تعرفون يا اولادي هناك من يحتفل بعيد ميلاد المسيح ويعيش اجواء (عيد الكريسماس) مع المحرمات من الاغاني والرقص وتقديم الهدايا، وارتداء لون الاحمر، كلمات قليلة ستعرفون من خلالها معنى هذه الكلمة ومدلولاتها عندنا..
الكريسماس [Christmas] هو عيد يحتفل فيها النصارى بعيد ميلاد يسوع، أي: بعيد (ميلاد الرب) عند أحد مذاهبهم، أو بعيد (ميلاد ابن الرب) عند مذهبهم الثاني، والاحتفال يا اولادي يكون عن طريق تقديم الهدايا، وتبادل التهاني، وظهور (بابا نويل) الذي يسمى في بعض الدول (سانتا كلوز) وشجرة عيد الميلاد..
وأما أصل كلمة كريسماس [Christmas] فهو اختصار اسم عيد الميلاد "X mas" لان الحرف الروماني "X" الذي يشبه الحرف اليوناني "X" الذي هو "chi" أي مختصر لاسم المسيح (Χριστός) (خريستوس).
وكلمة Christmas مكونة من مقطعين: المقطع الأول هو Christ ومعناها: (المخلِّص) وهو لقب للمسيح، المقطع الثاني هو mas وهو مشتق من كلمة فرعونية معناها (ميلاد) مثل (رمسيس) معناها (ابن) وأصلها [(رع) أو (را) – مسيس، وجاءت هذه التسمية بسبب التأثير الديني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القرون الأولى.
ولكن مختلفة في التاريخ الصحيح لميلاد المسيح أو ميلاد يسوع علي حسب زعمهم، ولكنهم اختاروا يوم الخامس والعشرين من ديسمبر للاحتفال بولادته وإظهار الفرح بذلك.
أما بابا نويل [Papa Noel] والذي يسمى عند البعض (سانتا كلوز) [Santa Claus] فهو شخصية خرافية ترتبط بعيد الميلاد، توجد عند النصارى، وهي معروفة غالباً بأنها رجل عجوز ضحوك وسعيد دائماً، يرتدي بزة يطغى عليها اللون الأحمر، وبأطراف بيضاء، وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو مشهور في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد، والأيائل التي تجر له مزلاجته السحرية، ومن خلفها الهدايا ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.
وتكمن المصيبة التي لا يعرفها الكثير من المسلمين في أن قصة (سانتا كلوز) مأخوذة من قصة القديس (نيكولاس) وهو أسقف (ميرا) وقد عاش في القرن الخامس الميلادي، وكان القديس نيكولاس يقوم أثناء الليل بتوزيع الهدايا للفقراء ولعائلات المحتاجين دون أن تعلم هذه العائلات من هو الفاعل، وصادف وأن توفي في ديسمبر.
أما الشكل الشائع لسانتا كلوز الحالي فهو من ابتكار شركة كوكاكولا؛ إذ استعملت هذه الصورة في إحدى الإعلانات لمنتجاتها.
إذن عرفنا حقيقة الكريسماس وأصل شخصية (بابا نويل) ولكن يا ابنائي نحن لا نعود لهذا الدين ولا نمثل عقيدتهم وما وصل لنا قد يكون غير صحيح، فنحن عندنا افضل من بابا نويل وقدم لنا الكثير من دون ان نطلبه.
عندما نمرض نلجأ الى الله عز وجل، فهو الشافي، وعندما تضيق بنا الدنيا نذهب اليه فهو الملجأ والملاذ، تعرفون يا اولادي الله يعطينا قبل ان نطلب منه، وجعل لنا ائمة نهتدي بهم، فلا تجعلوا هذه الافكار تسيطر عليكم، وان اردتم شيئا فطلبوه من الله ومن اهل البيت عليهم السلام، واجعلوا حبكم لهم فقط، ولنا امام غائب يحضر ويستمع الينا، فلماذا لا نطلب من امام زماننا ما نطلبه من بابا نويل؟. وانتم تعلمون ان الامام المهدي له مكانه ومنزلة عالية عند الله وبفضله تنالون امنياتكم، بابا نويل رجل ضعيف لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا وقد يحتاج هو الاخر الى من يساعده في يوم من الايام، وان هذه المظاهر قد تكون غير جائزة ان خرجت عن حدها المشروع، فلا تدعو مع الله اله اخر..
ودعونا نكمل الاحتفال بذكر الرسول واله، رسالة صغيرة وجهتها الى ابنائي وانتم ايضا لا تقصروا في تثقيف ابنائكم فهذه مسؤوليتنا.
اضافةتعليق
التعليقات
2024-04-06