عندما نقول قد أتى إلينا شهر محرم شهر الحسين عليه السلام، أتساءل في نفسي وأقول ماذا يعني لنا؟ وما الشيء المهم فيه؟ أنكون حقاً من أوليائه وأصحابه الذين بذلوا أرواحهم فداء للحسين عليه السلام؟.
وكذلك أتساءل حينما ارتدينا اللباس الأسود، ووشحنا منازلنا بالسواد، هل كان حبا بالإمام والسير على خطاه ومنهجه؟ أم كان للتزين فيه ومجرد وضعه في منازلنا.
حينما جاء الصباح وودت الخروج من المنزل، للتبضع وشراء الثياب السوداء، لكي نواسي ونعزي سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه، ولما وصلت إلى السوق وجدت منظر السواد، ينتشر في أرجاء المكان، لكنه لم يكن حزيناً ربما يتساءل البعض لماذا؟، الجواب:
لأنه هناك أخذني فكري نحو كلمة لسيدي ومولاي الإمام الصادق (عليه السلام) حينما قال "رحم الله من أحيا أمرنا أهل البيت (عليهم السلام). فوجدت لم يكن هناك منظرا لإحياء أمر أهل البيت عليهم السلام ولا مواساة لهم، ولا للحسين عليه السلام.
رأيت الناس الكثير منهم من يرتديه للزينة لكنه يقول ارتديت الأسود على الإمام الحسين (عليه السلام)، وجدت لبس السواد الضيق الغير محتشم، الذي يخدع المقابل بالنظر إليه، فقلت كيف إذن نواسي السيدة زينب عليها السلام حينما احترقت ثيابها وأخذت تغطيها بالخيام وتضعها فوق ثيابها، بهذا اللباس الضيق الذي هو مدعاة للزينة وعدم الاحتشام، وما يسمى عرض أزياء في مجالسنا الحسينية.
هكذا نكون معزين لأهل البيت عليهم السلام وأحياء أمرهم بهذا الشكل طبعاً لا يكون بل وانما بأفعالنا هذه نزيد أخطاءنا.. قول الإمام الصادق (عليه السلام) باﻹحياء قال "احيوا أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا"وسائل الشيعة/العاملي/ج10/باب66.
ﻷبين معنى قوله مفهوم اﻹحياء هو الإعتبار بالدرس، والمنهج القويم، الذي خلفه لنا اﻷئمة المعصومين (عليهم السلام)، والذي يمكن من خلال استيعابه أن نصوغ حاضرنا الإسلامي والإيماني خير، وأقوم صياغة، تصب في صالحنا ومصلحتنا الدينية، بل وحتى الدنيوية.
ولأهمية وقيمة اﻹحياء ﻷمر أهل البيت (عليهم السلام) أكد أئمتنا على هذا المضمون وخاصة في قضية الإمام الحسين (عليه السلام) على مر العصور، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال للفضيل بن يسار تجلسون وتتحدثون؟ فقال الفضيل نعم، ويقصد الإمام هنا مجالس الوعي والبصيرة الحسينية، فقال الصادق (عليه السلام):
إن تلك المجالس أحبها احيوا أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا، فإن من جلس مجلسا يحيا فيه أمرنا "لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" وهذا الحديث الصحيح ذكره الشيخ الحر العاملي/ وسائل الشيعة /ج10/باب66، ونقل أيضاً الهروي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا".
قلت: يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف يحيى أمركم؟. قال (عليه السلام) أن يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا تبعونا. بحار الأنوار/للمجلسي/ج2/ص30/الحديث رقم 13.
فالملحوظ من هذه النصوص المتقدمة هو أهمية وأفضلية إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا اﻹحياء له صور متعددة، فتارة يتحقق بعقد المجالس الحسينية الواعية الصادقة، فيتدارس فيها فكر وثقافة الحسين (عليه السلام) وعلوم أهل البيت (عليهم السلام) عامة، وتعلم أخلاقهم ومناهجهم، ومحاسن كلامهم، وتطبيقها بإخلاص وترجمتها، إلى الناس حتى يطلعوا على حقيقة أهل البيت وضرورة اتباعهم.
وتارة يتحقق اﻹحياء القيمي والأخلاقي والديني، ﻷمر أهل البيت (عليهم السلام) بالإهتمام بقضية الإمام الحسين (عليه السلام) من البكاء الواعي عليه وفهم أهدافه الشريفة، والتأكيد على زيارته، إلى اﻷخذ من فكره ومنهجه العبادي والحياتي العام، وتطبيقه في ذواتنا ومجتمعنا.
وحينها أدركت أننا لن نكون منهم اذا لم يكن هذا فكرنا، فاﻹحياء كما ذكر الإمام الصادق عليه السلام وليس كما نحن نريد، فيجب علينا أن نتعلم أكثر من أئمتنا العلم الصحيح نحو طريق الصواب، والحق فإحياء أمر الإمام الحسين أن يكون حبه وعشقه، ليس فقط منظرا بل بقلوبنا وأن نكون مؤمنين صادقين، مؤدين الصلاة التي ﻷجلها قتل واستشهد الإمام الحسين (ع) كما أمرنا الرسول، فالواجب علينا إحياء أمره بصدق وإخلاص ووفاء له .
اللهم أجعلنا ممن يحيي الشعائر الحسينية المقدسة كما يريد أهل البيت منا وارزقنا زيارتهم وشفاعتهم في الدنيا والآخرة .
اضافةتعليق
التعليقات