من يريد التغيير، فعليه أن يحدد الهدف الذي يريد أن يصل إليه، فقد يكون الهدف هو تجديد حب الحياة، أو الصحة الجسدية. أو الانفتاح الروحي أو القرب إلى الله تعالى وهكذا.
ففي الحكمة: "من عرف مستقره سعى إليه".
إن تحديد الهدف من أهم عوامل تغيير الذات، فبدون ذلك ستضيع حياة الإنسان وتهدر طاقاته بدون نتيجة مهمة... إنّ بعض الناس يريدون أن يكونوا ويعملوا كل شيء بدون هدف واضح، وبالتالي فإنهم لا يصلون إلى شيء.
ومن القصص التي لها معنى كبير: إنّ فتاة كانت تسير فوصلت إلى مفترق طرق واحتارت أي طريق تسلك فسألت مخلوقاً: أي الطرق أسلك؟ فأجابها قائلاً: أولاً حددي لي هدفك لأحدد لك الطريق، فإذا لم يكن لك هدف معين فاسلكي أي طريق تشائين.
يقول أحدهم: "لا يوجد فراغ في الحياة، فإذا لم يختر الإنسان ما يريده من الحياة، فإنّ الحياة ستختار له".
لذلك لا بدّ من تحديد "الهدف"، فهذا الزمن – الذي توسعت فيه العلوم والاختصاصات – هو زمن التخصص وكما يقول الإمام علي عليه السلام: "اجعل همك همّاً واحداً".. وكما أن الشمس تحرق إذا اجتمعت أشعتها بواسطة الزجاج، كذلك الإنسان ينجح إذا حدد أهدافه، وإلا كانت طاقاته مبعثرة، ومن ثم لن يحقق أي شيء.
والإنسان الذي يحدد هدفاً لحياته يشعر بأن حياته لها قيمة، وبأن هناك شيئاً يعيش لأجله، فليس أصعب على الإنسان من أن يعيش بلا أمل.
ماهو هدفك؟
الأهداف متعددة، فهناك أهداف صغيرة، وأهداف متوسطة، وأهداف عليا.. فالأهداف الصغيرة هي ما يحدد المرء فعله في اليوم أو الاسبوع أو الشهر.
والأهداف المتوسطة هي ما لها دخل في حياته المستقبلية كاختيار العمل والزواج والمنزل.
والأهداف العليا هي الغايات الأساسية التي خُلق الإنسان من أجلها، وقد تكون الأهداف تربوية واجتماعية وسياسية واقتصادية وعسكرية، وقد تكون الأهداف دنيوية أو أخروية.. وهنا لابد للإنسان أن يحدد الهدف الذي يريد تغيير ذاته من أجل الوصول إليه.
ويُعبر عن الأهداف بـ"الرؤية" و"الرسالة" و"المهمة".
والأهداف العليا منها:
1- التقرب إلى الله تعالى:
إنّ القرب إلى الله تعالى من أعظم وأهم الأهداف، وما دون ذلك فلا قيمة للحصول عليه إلا إذا كان يساعد للوصول إلى الله تعالى، كما جاء عن الإمام علي عليه السلام في وصف المتقين: "عظُم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم".
2- التشبه بأولياء الله تعالى:
لا شك بأنّ للتأثر بالآخرين أثر في برمجة سلوك الإنسان، فإنّ بعض الشباب يتأثرون بفنان معين أو بصديق أو أستاذ فإذا بهم يحذون حذوه في تصرفه بالكلام واللباس وبقية الأعمال حتى يصير قدوتهم في كل شيء.
فمن أراد التغيير فعليه أن يغيّر قدوته حتى يعيد برمجة نفسه وفقاً للشخصية التي يريدها فعن السيد المسيح عليه السلام: "إنّ صاحب الشر يُعدي وقرين السوء يُردي، فانظر من تقارن".
3- الوصول إلى أعلى الدرجات:
إنّ المؤمن بالله تعالى يضع نصب عينيه الوصول إلى أعلى الدرجات الإنسانية والأخروية والدنيوية.
ففي الدعاء: "والذّينَ يَقُولون ربّنا هَبْ لَنا منْ أزواجنا وذُرّياتنا قُرّة أعيُنٍ واجعلنا إماما".
ارسم مخطط لتحقيق أهدافك
بعد أن يحدّد الإنسان هدفاً واضحاً عليه أن يرسم مخططاً لتحقيقه، فإن "من فشل في التخطيط فقد خطط للفشل".
وهذا ما عبّرت عنه الروايات الشريفة بـ: "التدبير" فعن الإمام علي عليه السلام: "التدبير قبل العمل يؤمنك الندم".
وعنه عليه السلام: "حسن التدبير ينمي قليل المال وسوء التدبير يفني كثيره".
ولنجاح التخطيط يلزم:
أولاً: وضوح الهدف، ففي الحديث: "من عرف مستقره سعى إليه".
ثانياً: الاهتمام بالأولى فالأولى، فما دام الزمان لا يتسع للقيام بكل ما يطمح إليه الإنسان فليجعل في مخططه الأولى فالأولى.. عن الإمام علي عليه السلام انه قال: "إنّ رأيك لا يتسع لكل شيء ففرغه للمهم".
وعنه عليه السلام: "خذوا من كل علم أرواحه ودعوا ظروفه، فإنّ العلم كثير والعمر قصير".
اضافةتعليق
التعليقات