ام حيدر (38 عاما) تروي قصتها وعلامات الأسى والحزن ترتسم على وجهها، قائلة: ما زالت ضلوعي ترتجف، وعيناي تدمعان كلما استرجعتْ ذاكرتي ذلك الزمان، حيث استشهد زوجي. كان يوماً أسودا ولم أصدق الخبر؟!
كان الجيران مجتمعين للتخفيف عني، لم أتمالك نفسي فانخرطت في البكاء، واللطم على الرأس، عندما استشهد زوجي في تكريت. وما أن انقضت عدتي حتى فوجئت بطردي من منزلي مع اطفالي ليستولي أهل زوجي على البيت، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل حرموني من الارث، وعندما عدت مع ايتامي الصغار لبيت والدي.. مطرودة، وحقوقي مسلوبة بعد وفاة زوجي ولعلي اجد الراحة والامان عند بيت والدي، هنا كانت الصدمة فالأب المسن رفض استقبال أبنائي، وقال لي ان اهل زوجك رفضوا ان ياخذوا ابنائهم فلماذا انا اخذهم !!. ليس من واجبي ان اصرف على اطفالك، اتركيهم عند أهل زوجك، كيف بأم تترك اطفالها من اجل لقمة عيش!؟؟
فالأب لا يرضى ان يستقبلهم ولا الجد يتكفل بأحفاده،
ماذا علي ان افعل !! رضيت ان أعيش خادمة لزوجة اخي، فقط من اجل ابقاء اطفالي معي.
لم تكن ((ام حيدر)) وحدها من عانت بعد موت زوجها فهناك العديد من الأرامل عانوا ماعانوه بعد فقد ازواجهم، فقط من اجل بقاء أولادهن، (ام غدير) هي الاخرى لاتختلف وضعها عن ام حيدر، فتقول: تركتني عائلة زوجي اواجه الحياة وصعوبتها مع ابنتي، اخذوا مني كل شيء الاثاث والمال والذهب وكان زوجي عامل بناء سقط من السطح، لم اكمل الثلاثين عاما، ابنتي غدير عمرها الان 9 سنوات. اعيش على ما تقدمه لي المؤسسات من مساعدات لاتكفي نهاية الشهر وان تعرضت غدير لوعكة صحية استعطي المال من الاقرباء والجيران.
اعمل وجبات من ((الكبة)) وابيعها عند المحلات ولايتجاوز صحن الكبة الف دينار، تسألني ابنتي غدير، لماذا نحن فقراء لانملك اي شيء كباقي العوائل، أضمها إلى صدري وأقول: هذا ماقسمه الله لنا ياابنتي فالغنى غنى الاخلاق.
أرامل فضلن العمل الشاقٍ ليجدن لأطفالهن لقمة عيش، من دون إشفاق الناس عليهن فبدلا من أن تداوى الجراح زادوها الما.
كل هذه القصص حصلت في بلد يملك الثروات، النفط والمياه والحضارة، ليصبح اليوم متكاثرا بالأرامل والأيتام، بعد أن فاق عددهم حتى تجاوز المليون امراة، وذكر تقرير لمنظمة الأمم المتحدة لرعاية الأمومة والطفولة اليونيسيف أن عدد الأيتام في العراق يقدر بأكثر من 5 ملايين و700 ألف طفل.
إلا أن تقريراً لمجلس السلم والتضامن أفاد بأن وزارة الشؤون الاجتماعية العراقية لا تستطيع تحديد عدد الأرامل والأيتام نتيجة الزيادات المضطربة وعدم تسجيل معظم الحالات التي تتسبب بها حوادث العنف والعمليات الإرهابية، التي تزداد يوم بعد يوم.
على الحكومة العراقية الوقوف على هذه الظاهرة واعطاء الارامل حقوقهن وعمل مؤسسات لمساعدتهن وتقديم المساعدات وتوفير السكن المناسب ايضا، فهذا اقل ما يمكن ان نقدمه تجاه تضحياتهم المشرفة في سبيل هذا الوطن. وهذه صرخة ارملة لعلها تصل يوما الى مسامعنا لنمد لهم يد العون والمساعدة.
اضافةتعليق
التعليقات