تعظيم العظماء شيء متداول بين الجميع ويعتبر من الحكمة وتعظيم العلم والفن وأي شيء يخص الإبداع لذلك وضعت جوائز الأوسكار وغيرها كي تكون تحفيزاً للجميع ففي يومنا هذا من الغريب أن لا يعرف أحد عن الأوسكار أو غيرها من الجوائز العالمية التي تهدى للعظماء تكبيراً وتعظيماً لشأنهم وتحفيزاً لهم ولغيرهم لا يهم إن كان هناك فكرة غش أو أنها لا تُعطى لأهلها أحياناً ولكن الفكرة جميلة في بادئ الأمر حيث إن العظيم يُعظم بسبب عمل ما أو يُدعم بسبب فعل ما أو يُشجع بسبب فكرة ما.
تعظيم العظماء من سلامة العقل والفكر حيث الإنسان بواسطة تعظيمهم ينشر فكرة جميلة في أنحاء العالم والجميع يتشكل لديهم رغبة التطور من أجل أنفسهم والوصول إلى القمة عن طريق قراءة أفكار الآخرين وانجازاتهم ورؤية أعمالهم، العظماء يعظمون حتى بعد مماتهم.
تعظيم العظماء وتقديسهم
هناك علم يُسمّى بعلم الآثار (Archeology)، وهو علم يهتم بدراسة ماضي وتاريخ المجموعات الإنسانية السابقة، والموروث المادي للإنسان "فالآثار تزودنا بأخبار الأجيال السابقة وكيف كانوا يعيشون ويبين لنا دائرة اهتماماتهم وما وصلوا إليه من تطور في العلوم المختلفة، وتبين هناك تاريخ عظيم يكمن في معرفة الأجداد والآباء ومن سكنوا هذه الديار سابقاً، حيث من خلال هذه المعرفة يستطيع الإنسان أن يكون أكثر نجاحاً في المستقبل، لذلك يعد علم الآثار والتاريخ محط اهتمام الغربيين في عالم اليوم، وكما نرى العكس يحدث في الدول الشرقية أو معظمها حيث أن الآثار تُسرق أو تدمَّر كي يضيع الفرد ويتيه في عالم مجهول فلا يعرف ما حدث في ماضيه وكيف كانت أرضه مهبط العلم والارتقاء.
في كل بقاع الأرض نجد بأن العظماء يدفنون في أماكن خاصة حيث يعظم ذلك العظيم ليبقى اسمه مخلّدا ويكون أسوة للآخرين، ولكن ما حدث في البقيع كان خطة مدروسة لمحو اسم أصحاب الحق وأئمة أهل البيت عليهم السلام، كي لا يثير التساؤل لمن يتشرف للحج وزيارة النبي صلى الله عليه وآله، فهذه القباب كانت تثير السؤال في نفس الزائر كي يعرف من هؤلاء ويجد رأس الخيط ليصل إلى الحقيقة ولكن بعد القضاء عليها لن تكون هناك تساؤلات وهذا من أهم أهداف فاجعة هدم قبور البقيع!.
نرى أن بناء القبور جائز كما ورد في القرآن الكريم حيث قالوا: (ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا) تخليداً لذكراهم وهؤلاء هم الكافرون بينما نرى المؤمنين يرغبون ببناء المسجد على الكهف، ليكون رمزاً لعبادة الله تعالى.
لو نقول بناء المسجد على قبور الصالحين أو في جوارها علامة على الشرك، فلماذا يذكر هذا الكلام في القرآن ولم يذمهم الله أو الرسول صلى الله عليه وآله وهذا إن دل على شيء يدل على الجواز (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً).
ونرى في أماكن أخرى هناك قباب ومراقد لأهل السنة لم يتم تدميرها، ونلاحظ هنا التناقض الواضح، وسنعرف الحقد الدفين الذي دفع بهؤلاء للقضاء على قبور أئمة البقيع وبعض الآثار الأخرى حيث هدم الوهابية قبور الأئمة وتركوا آثارا أخرى وجلسوا على جانب.
إذاً فهدم البقيع يتناقض مع الحالة الحضارية، حيث نجد أن العالم يهتم بالعظماء وبآثارهم وقبور عظمائه ويحاول أن يحتفظ بآثارهم ويسلط الضوء عليها، ويدعو الآخرين إلى التعرف عليها كما أن المسيحيين بنوا كنيسة في المكان الذي يزعمون أن حافة دابة عيسى لامسته.
وكذلك نلاحظ أن البناء فوق القبور كان موجوداً منذ بداية الإسلام، ولم يعترض النبي صلى الله عليه وآله ولا المعصومون عليهم السلام على ذلك، وكانت المراقد موجودة في مكة المكرمة والمدينة في حياتهم ولم نجد أن النبي صلى الله عليه واله قام بتخريب أي قبر أو دمر آثار الماضين، كقبر زوجة إبراهيم ومقام إسماعيل في مكة.
قضية هدم القبور قضية كبرى تحاكي مدى خوف الظالمين من الأنوار الطاهرة حيث إنهم يخافون من مراقد الأئمة عليهم السلام ويرغبون بهدم جميع الآثار كي لا يقترب أحد منهم ولا يتعرف عليهم ولا يبحث عن صفاتهم وأخلاقهم وكيف عاشوا ومضوا
ولكن مهما فعلوا لا يمكن اخماد هذا النور.
ربما حفروا هذه القضية وجعلوها في بطنان الأرض حسب الظاهر كي لا يصل إليها أحد ولكن سوف تنمو وتكبر وتخرج رأسها من الأعماق لتبين للعالم أن البقيع قضية غدر من قبل الجبناء اللذين أرهبتهم المراقد!.
اضافةتعليق
التعليقات