تعتبر ظاهرة العنف الأسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية فهي قديمة قدم الإنسان الذي ارتبط ومازال يرتبط بروابط اجتماعية عرفية مع الوسط الذي فيه يؤثر وبه يتأثر إلا أن مظاهره وأشكاله تطورت وتنوعت ومنها العنف ضد المرأة والعنف ضد الأطفال والعنف ضد المسنين وأصبح مجتمعنا اليوم يسوده العنف بشكل كبير بسبب عدم بث روح التعاون والتفاهم بين أفراد الأسرة.
العنف ضد المرأة سلوك عنيف متعقد موجه نحو المرأة سواء كان من زوجها أو أحد أفراد أسرتها من الذكور ويعد من الأشكال التي تحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة والعامة والعنف انتهاك واضح وصريح لحقوق الإنسان وإن عواقبه خطيرة لا تقتصر على المرأة وإنما على المجتمع بأكمله.
العنف لا ينحصر في شكل واحد وإنما يأخذ عدة أشكال ونتناول الشكل الأهم الذي أصبح يشكل خطر كبير في مجتمعنا وقد حدث في مدينة مقدسة والخطر الأكبر انه تم ارتكاب العنف من قبل رجل ملم بالقانون وعالم بمدى تأثير فعله على القانون والمجتمع وحتى على منصبه وعائلته.
١/العنف الجسدي: يعد أكثر أنواع العنف انتشارا ضد المرأة وعادة ما يتسبب بها زوجها أو أحد أفراد عائلتها من الذكور ويشمل هذا النوع من العنف أي اذى جسدي يلحق بالمرأة سواء كان الاعتداء بالضرب أو استخدام آلة ويتسبب في بعض الأحيان بوفاة الضحية وكما يشمل هذا النوع من جرائم الشرف التي ترتكب بحق المرأة في حال التشكيك بعفتها وله آثار تؤثر على المرأة وصحتها.
وقد تناولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي هذه الحادثة البشعة بحق انسانة بريئة مهما تكون الظروف لكن الفعل بشع ومحاسب عليه أمام الله والقانون.
قد أوضحت قناة الحرة تسلسل الحادثة كالتالي:
ينشغل العراقيون بمواجهة فيروس كورونا الذي يتنشر في البلاد ويهدد المواطنين. لكنهم أفاقوا مطلع الأسبوع على خبر صاعق يتعلق بفتاة أقدمت على حرق نفسها في محافظة النجف إثر تعرضها لعنف مارسه ضدها زوجها وأسرته.
ملاك الزبيدي فتاة عراقية (20 عاما) متزوجة من محمد المياحي ضابط يعمل في إحدى الجهات الأمنية ووالده حميد قائد كبير بالجيش العراقي، قصتها انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي الأحد لتكشف عن مسلسل من العنف تتعرض له الفتاة منذ فترة وانتهى بحرقها لنفسها بعد أن تعرضت للضرب من زوجها وعائلته.
وتمكن موقع الحرة من الوصول إلى أحد أفراد عائلة الفتاة المعنفة الذي كشف تفاصيل مروعة عما تعرضت له ملاك.
يقول المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إن ملاك تعرضت للعنف الأسري منذ فترة حيث منعت من زيارة أهلها منذ 8 أشهر، وكان زوجها وبمشاركة أخيه أحيانا يقومون بضربها مستخدمين "كوابل" وحتى مقاعد الخشبية لإيلامها.
وأضاف أنها وبعد أن فرغ صبرها ولم تعد تختمل شدة الضرب والعنف المتكرر سكبت على جسدها مادة البنزين وهددت بإحراق نفسها، فما كان من زوجها إلا أن قدم لها "الولاعة".
أضرمت الفتاة النار بنفسها احتجاجا على الظلم الذي تعرضت له، ورغم أنها أصيبت بحروق إلا أن زوحها امتنع عن إرسالها للمستشفى خوفا من أن تتمكن من تقديم شكوى ضدهم.
لكن بعد ثلاثة أيام من المعاناة من الحروق بلا علاج، أصيب جسم ملاك بتسمم، حيث كانت عائلة الزوج تعمد إلى سكب الماء عليها للتخفيف من حدة الحروق. ما اضطرهم لنقلها للمستشفى.
وأضاف المصدر أن الزوج وعائلته هددوا ملاك بقتل عائلتها إن كشفت ما تعرضت له من تعذيب.
وكانت الفتاة قد كشفت أن زوجها منعها من متابعة دراستها وحضور الامتحانات المقررة.
ووفق رواية والدها ووالدتها التي تناقلتها وسائل إعلام محلية، فإن الفتاة متزوجة من محمد ولم يكونوا على علم بتعرضها لعنف وضرب مبرح لفترة طويلة، والتي انتهت بضربها الأربعاء الماضي بعدما طلبت زيارة عائلتها.
وبشأن حادثة الحرق أفادوا بأن والد زوحها قام بإخماد النار التي شوهت وجهها وجسدها، ثم وقصوا شعرها المحترق واتصلوا بعائلتها وقالوا لهم إن ابنتهم تعرضت لحرق بسيط فقط ويقول والدها في اتصال هاتفي مع ناشط في النجف إن زوج ابنته ووالده رفضوا إرسالها للمستشفى إلا عندما تعهدت لهم بعدم الكشف عما حصل معها، وهددوها بأنهم سيغتالون والدها ووالدتها وأخوتها وبعد ذلك سيقتلونها وهي بالمستشفى.
وتقول والدتها إنه وعند وصولهم للمستشفى ادعى والد زوجها بأنه والدها وقال في محضر الشرطة إنها تعرضت للحرق لوحدها عن طريق الخطأ، وأن محضر الشرطة يحمل توقيع ابنتها رغم أن يداها محترقتان ولا تستطيع الإمساك بأي شيء.. والأحد قالت شرطة محافظة النجف في بيان صحفي إن وزير الداخلية ياسين الياسري طلب من قائد الشرطة فائق الفتلاوي "أن يكون القانون صاحب الكلمة الفصل وفوق الجميع من دون أي تمييز بين حقوق المواطنين".
وتناقلت وسائل إعلام محلية بيانا لمجلس القضاء الأعلى في النجف يشير إلى إن محكمة التحقيق تجري تحقيقا في جريمة "تعرض سيدة للحرق".
وفي التفاصيل فإن "المشتكية سجلت شكوى ضد زوجها بداعي قيامه بضربها وقيامها بحرق نفسها جراء استخدام العنف ضدها، ولم يقم زوجها بإطفائها وأن والد زوجها هو الذي نقلها إلى المستشفى بعد أن قام بإطفائها".
وأوقفت المحكمة متهمين بقضية الحرق وهناك أوامر قبض بحق متهمين آخرين بالقضية، من بينهم زوجها الذي تبحث عنه السلطات بسبب اختفائه إثر صدور أمر القبض عليه.
من جانبها منحت عائلة عشائر الزبيد في النجف مهلة لعائلة المياحي لتسليم ولدهم محمد للقضاء وأن القانون الحكم الفصل بينهم وإلا فإنهم سيسعون لـ"إحقاق الحق بأيديهم"..
موقف القانون
من المفترض ان يطبق نص المادة 412، من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١لسنة١٩٦٩٤
1 – من اعتدى عمدا على آخر بالجرح او بالضرب أو بالعنف أو باعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون قاصدا احداث عاهة مستديمة به يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة.
وتتوفر العاهة المستديمة إذا نشأ عن الفعل قطع أو انفصال عضو من اعضاء الجسم أو بتر جزء منه أو فقد منفعته أو نقصها أو جنون أو عاهة في العقل أو تعطيل احدى الحواس تعطيلا كليا أو جزئيا بصورة دائمة أو تشويه جسيم لا يرجى زواله أو خطر حال على الحياة.
2 – وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس اذا نشأت عن الفعل عاهة مستديمة دون ان يقصد الجاني احداثها.
أو المادة٤١٣ :
1 – من اعتدى عمدا على آخر بالجرح أو بالضرب أو بالعنف أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون فسبب له أذى او مرضا يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو باحدى هاتين العقوبتين.
2 – وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات والغرامة التي لا تزيد على ثلثمائة دينار أو باحدى هاتين العقوبتين.
أ – إذا نشأ عن الاعتداء كسر عظم.
ب – إذا نشأ عن الاعتداء أذى أو مرض اعجز المجنى عليه عن القيام بأشغاله المعتادة مدة تزيد على عشرين يوما.
3 – وتكون العقوبة الحبس إذا حدث الايذاء باستعمال سلاح ناري أو آلة معدة لغرض الايذاء أو مادة محرقة أو آكلة أو ضارة.
ولقاضي محكمة الموضوع سلطة تقديرية بتكيف الواقعة المعروضة أمامه والحكم بالعقوبة المقررة قانوناً وانزال أشد العقوبات بعيدا عن كافة الضغوط التي تأثر على القاضي المختص.
لذا بدورنا كمحامين نطالب القضاء العراقي باجراء التحقيقات اللازمة بحق كل من كان له يد في هذه الجريمة البشعة في مدينة مقدسة ويفترض من يسكن فيها يكون محترماً ومقتدياً بعرفها الديني وانما للأسف العنف الذي يرتكب بحق النساء تسوده الأعراف القبلية.
لذلك نطالب الجهات القضائية بتنزيل أقصى العقوبات بحق مرتكبي هذه الجريمة سواء كان زوجها أو غيره لكي يكون عبرة لباقي الأزواج وغيرهم الذين يعنفون نسائهم مهما كانت الظروف والنتائج فمثل هذا الجريمة تشكل خطر جسيم على المجتمع ولابد التخلص منها.
وللحد والتخلص من هذه الظاهرة على مجلس النواب الاسراع بالمصادقة على مشروع قانون مناهضة العنف الأسري الذي لا زال مركونا على رفوف مجلس النواب لأنه لو كان مشرع لكانت هناك قوة رادعة لمن يرتكب هذا الفعل، رفقا بالشعب الذي لازال إلى الآن يستند على قوانين مهمشة.
لازالت التحقيقات مستمرة عن الحادثة التي تحولت إلى قضية رأي عام في مجتمعنا ولم تكن الحادثه الأولى التي حدثت في مجتمع تسوده الأعراف القبائلية، مجتمع يعامل المرأة بشكل عنيف مهما تكن العوائل بمستوى ثقافي إلا أنه يطغى عليها العرف القبائلي والدليل أنه عندما تحدث مثل هذه الحادثة لم تكن الناس على أي علم والمام بها ونستمع للكثير من الاتهامات للضحية.
وأيضاً نطالب منظمات حقوق المرأة ومنظمات المجتمع المدني ومفوضية حقوق الإنسان بحماية النساء وإقامة أشد العقوبات لكل شخص يؤذي زوجته أو ابنته بدون سبب لأننا لسنا في غابة والاسلام أكد على حماية المرأة وتقديرها، لكن الترسبات الطبقية ومشاكل الزمن الماضي أدت إلى ظهور الأعراف الطبقية حتى اصبحت تطبق أكثر من الدين الاسلامي والقانون.. على السلطات القضائية أن تكون لها وقفة حق بعيدا عن التأثيرات.
ونرفض رفضنا الشديد اضطهاد المرأة لأنها نواة المجتمع يجب أن تكون مساواة بالعقوبات بعيداً عن الخوف من كل شخص لديه منصب ولهذا السبب الكثير من النساء تعرضت للعنف والتعذيب والقتل ولم يأخذ بحق هذا الأفعال البشعة وأيضاً على جميع المنظمات والمؤسسات وخطباء المنابر أن يقيموا محاضرات توعية وتعريف الناس بماهية هذا العنف ومدى عقوبته وخطورته إذا أدى إلى وفاة الضحية.
اضافةتعليق
التعليقات