يميل الكثير من الناس بفطرتهم إلى حالة من الاطمئنان لمن يستمع اليهم ويتفهم كلامهم, فالانسان لديه حاجة كبيرة للتحدث والبوح بما يجول به فكره لكن الحاجة تتراوح بين شخص وآخر, فالبعض يتحدث والبعض الآخر يجد صعوبة في البوح خوفا من ردود أفعال الآخرين على أن (فن) الاستماع اعمق بكثير مما يتصوره الناس, ويعتبر الكلام وتبادل الحديث هي الوسيلة في التعامل مع الناس ولأهميتها سلط موقع (بشرى الحياة) الضوء على هذا الجانب المهم الذي هو على مساس تام مع الناس.
حسن الاستماع
السيد باسم الاعرجي يقول: (فن الاستماع) اعمق بكثير مما يتصوره الكثير من الناس, فهو لايعني الصمت أمام المتحدث والاستماع إليه فحسب إنما الاستماع الجيد هو الاهتمام بما يقول المتحدث, إذ يكون على صواب ومناقشته بالحسنى والأسلوب اللين والمطلوب التقبل والإحترام وليس الموافقة بالضرورة، فإن حسن الاستماع أمر صعب التطبيق على من يتحلى بالصبر والأناة وهو واحد من مكارم الأخلاق والعادات الجيدة المنسية بعض الشيء.
الفضفضة ومستشفى المجانين
وكان لمنى القاضي تبلغ من العمر (33) عاما غير متزوجه هذا الرأي:
أحب الحديث والبوح في ما يلج في صدري من كلام، أحيانا يضايقني أمر ما وأحب أن اتكلم بصوتٍ عال وأفضفض عن مشكلة ما فألتجئ إلى صديقتي المقربة وأجدها ذات صدر رحب وأتحدث معها لساعات طويلة وهي بالمقابل تستمع لي جيدا وتنبهني وتضع لي الحلول المناسبة فيتولد بداخلي ارتياح تام، لولا الفضفضة لكنت في مستشفى المجانين.
وحدثتنا زينب عبد الزهرة البالغة من العمر (40) عاما: أعتبر أنا المستمع الأكبر لأفراد عائلتي، يجب علي الإستماع إلى أبنائي وبناتي ومناقشتهم في أمر ما أو مشكلة وأجد الحلول المناسبة، وزوجي ايضا اكون انا صاحبة الصدر الرحب ليفضفض عن همومه ومتاعبه وكذلك أخواتي ومشكلاتهن العائلية مع أزواجهن وصديقاتي وأستمع إليهن من الألف إلى الياء دون ملل وبإصغاء تام, لكن ما يؤلمني حقا أنني لا أجد في بعض الأحيان الذي أفضفض له إذا ما احتجت الحديث!.
أيهم اكثر اصغاءً؟
يقول محمد جاسم/ (30) عاما: النساء أكثر فضفضة من الرجال وأفضل من الرجال في الاستماع واعتبرها المرسل والمتلقي في الوقت ذاته, بالعادة الرجل يكون قليل الكلام لا يتحدث كثيرا إلا ما وجب, ويكون صدره صندوق أسرار ولا يتكلم إلا ما ندر, فيكون بعيد عن الثرثرة.
اما احمد مقدام البالغ 28 عاما يقول: أعتقد أن الرجل يحتاج لمن يستمع له ويحدثه عما يدور في خلجات نفسه فيحتاج إلى صديق مقرب أو أم حنونة يشكي همومه لها ويجد الحلول معها أو والده الذي يحتاج ليستمع إليه ويمنحه الرأي الصائب المستمد من تراكم السنين.
وكان لأم محمد هذا الرأي: أتفق مع الذي يسير بأن المرأة أكثر استماعا من الرجل واكثر فضفضة، فلا تستطيع المرأة كبت مشاعرها ولابد من البوح بها وتتخذ بذلك شكلين؛ الأول بالفضفضة لأم أو أخت أو صديقة مقربة أو بالنكد وهي نوع من الهستيريا البسيطة التي تصيب المرأة عند الغضب فتبدأ بالتحدث بصوت عال وتبوح بما يضايقها للشخص المعني وتخرج من حالة الوعي الى اللاوعي.
روئ نفسية
في هذا الجانب كانت وقفتنا مع الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي حيث تقول:
"الاستماع الجيد وثقافة الحوار تكون مبنية على أسس من الثفافة والوعي الإجتماعي لدى الفرد, وكثيرا ما يستخدم المعالج النفساني خاصية الاستماع الدقيق والصدر الرحب لمعالجة مرضاه والسرية التامة والكتمان، لكن الأشخاص يميلون دائما إلى الابتعاد عن الدكتور النفساني واللجوء إلى شخص مقرب يكون من أفراد العائة أو صديق عمل أو أحد الأقارب يستمع لهم ويكون صندوق أسرارهم والمعالج في نفس الوقت وقد يكون هذا الشخص صالح للثقة ونصائحه بناءة أو يكون شخص غير مؤهل لذلك فيزيد الطين بله".
اضافةتعليق
التعليقات