يدهشني تمسكهم بهذه الحياة الفانية وخضوعهم لأوامر الطبيب كي يبقوا سويعات أكثر في هذه الدنيا، يتشبثون بأذيال الحياة كي لا يقعوا في هاوية الموت، هكذا حالنا جميعا كما قال أمير الكلام علي عليه السلام: "أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام"... "إذا ماتوا إنتبهوا".
وكأنهم في لحظة السقوط فهموا معنى الحياة، هؤلاء أفضل من بني جلدتهم بلاشك لأن هناك من لايدرك معنى الحياة الا عندما يكون تحت أطنان من التراب بينما صوت النحيب يعلو، يخفت صوت الحياة شيئا فشيئا وهناك يسمع المريض بآذان صاغية كي لا يفوته شيء من أوامر الطبيب، يمعن النظر رغم شدة وجعه، ربما تدعه مخالب الموت ويتركه وشأنه ليرجع إلى أحبائه سالماً غانماً.
لو قيل له عليك أن تلتزم بشرب جرعات من هذا الدواء مرتين في اليوم، في الساعة الثامنة صباحاً والثامنة مساءاً ليس باستطاعته أن يرد قول الطبيب ويعارض كلامه بحجة إنه لا يحب هذا الدواء ولايمكنه ابتلاعه أو يقول سأشرب ثلاث مرات أو مرة واحدة لأنه يُؤْمِن به ويثق به ثقة عمياء فقط لأجل الخلاص من تلك الآلام حتى يُشفى من مرضه...
ولكن ماذا لو يكون بَعضُنَا أقل إيمانا وثقة من هذا المريض بطبيبه؟
هناك من لا يثق بربه بهذا القدر حتى !
يمضي يميناً وشمالاً ويتخبط كي يفر من قوانين ربه يبحث عن ألف جرعة كي لا يشرب جرعة واحدة مما كتب له ربه ولكن ربنا يريد الإيمان كما بينه هو سبحانه وتعالى شأنه وليس كما نريد لذلك وضع ربنا، "علياً" مقياس الخير والشر، النجاة والهلاك وجعله قسيم النار والجنة، ((إنّ الناسَ لو اجتمعوا على حُبَّ عليٍّ (عليه السلام) لَما خَلقَ الله النّار)).
روى العلامة الخطيب الخوارزمي بإسناده عن ابن عبّاس قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لو اجتمعَ النّاس على حبّ عليّ بن أبي طالب لَما خلَقَ الله عزّ وجلّ النار(1).
((حبُّ عليٍّ براءةٌ من النفاق))، الرواية عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه).
روى الحافظ محمد بن عيسى الترمذي في (صحيح)2*.
قال: حدّثنا قتيبة بإسناده عن أبي سعيد الخدري، قال:
(إنّا كنّا نعرف المنافقين ببغضهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).*3.
ب ـ (الرواية عن جابر بن عبد الله الأنصاري)، روى الحافظ أحمد بن حنبل في (المناقب*4) قال عبد الله بن أحمد بن حنبل بإسناده عن جابر بن عبدالله، قال:
((ما كنّا نعرف منافقينا مَعشر الأنصار إلاّ ببغضهم عليّاً))*5.
جميل ماخط يراع الشاعر الخالد الحميري:
وجاء عن ابن عبد الله انـّا***به كنّا نميز مؤمنينا
فنعرفهم بحبّهم عَليّاً***وإنّ ذو النفاق ليعرفونا
ببغضهم الوصيّ ألا فبُعداً***لهم ماذا عليه ينقمونا
وممّا قالت الأنصار كانت***مقالة عارفين مجرّبينا
ببغضهم علي الهادي عرفنا***وحقّقنا نفاق منافقينا
ولغيره:
فرض الله والنبيّ على الخلق***موالاته بخم ونصّا
وبه يعرف النفاق من الإيمان***فاعرف ما قلت سرّاً ومحصا
ربنا نصب له الولاية واختاره لأنه كان المبادر الأول في الخيرات دائماً، أول من آمن وصلى، أول من تصدق بالخاتم وووو فضائله لا تعد ولا تحصى ..
جرعة واحدة من حبه تكفي للطهر من النفاق والحقد حتى يُحشر العبد مع النبي صلى الله عليه واله وألف جرعة من حب غيره لن تشفي حتى الأمراض البسيطة...
لنثق بربنا ونمعن النظر فيما اختاره لنا من جرعة حب عظيمٍ ولد في الكعبة واستشهد في محراب صلاته كي نحيا حياة طيبة في أعلى عليين كما قال رسول الله: وشيعتك على منابر من نور مبيضةً وجوههم حولي في الجنة وهم جيراني ولولا انت ياعلي لم يعرف المؤمنون بعدي..
نتشبث بأذيال الحياة كي نبقى سويعات عديدة في هذه الحياة الفانية لنتشبث بحب علي لأن الآخرة خَيْرٌ وأبقى .....
اضافةتعليق
التعليقات