أماه إنني أشعر بالضيق، ولم أعد أحتمل تلك الحياة، ولم أعد أطيق نفسي، أماه متى يأخذني إليه خالقي؟ فالصبر لدي قد نفذ.
_ماذا قلتِ يا بنيتي ... ؟ لمَ كل ذلك الحزن والبؤس ؟! لمَ كل ذلك الاحباط والياس ؟!
_أشعر وكأنني لست من أهل هذه الدنيا يا أمي، لا أعلم ما أريد وكيف، لا أعلم لماذا أنا هنا وما أصنع، إنني أتساءل مع نفسي من أنا ومن أكون وكيف أنا هنا يا أمي؟
_بنيتي ألا تعلمين سبب هذا الاكتئاب والحسرة داخلكِ؟
_كلا يا أمي لا اعلم كل ما أعلمه أنني في ضيق شديد..
_منذ متى وأنتِ لم تقرئي كتاب الله؟
_من رمضان الماضي.
_هل تصلين الصلاة في أوقاتها؟
_لا إني أؤخر صلاتي دائما وفي بعض الأحيان ينتابني النسيان فأقضيها.
_هل تسمعين الغناء؟!
_نعم يا أمي ففي الغناء راحتي أذهب مع المطرب إلى عالمه الجميل.
_حسننا يا ابنتي، كل ذلك ولم تعلمي سبب ضيقكِ وتعاستك؟ ربكِ يقول (وَمَنْ اَعٔرَضَ عَنْ ذِكْرِي فٓلَهُ مَعْيشَةً ضَنْكْا) الحل لدي يا ابنتي سأخرجكِ من عالمكِ المظلم إلى عالم الهدى والنور.
عن ضيقتكِ الفجائية وألمكِ المتراكم، هناك قرآن تتكلمين مع خالقكِ بشكل مباشر بلا أي حاجز، أما عند مناجاتكِ ودعائكِ له فتظنين أن ما تطلبين منه مستحيلا، لكن سيفاجئكِ بتغليف دعائكِ له بالاستجابة ويرسلها إليكِ، وعن صلاتكِ فأنتِ هنا تهمسين في أذن الأرض فيسمعكِ جبار السماوات والأرض وتبوحين له بكل ما تشائين، كلامكِ معه يكون كلام عاشق مع معشوقه هو يعلم بكل شيء لكنه يحب أن يسمع صوتكِ وتضرعكِ بين يديه ربكِ معكِ من تخشين إذاً؟! بنيتي اتجهي لكعبة العشق، ولا تكوني من الغافلين الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم.
_أمي أشعر بالارتياح بكلامكِ هذا، أشعر بالاطمئنان حقاً.
_وكيف لا يا بنيتي وربكِ يقول (ألا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنَّ القٌلوب).
_فعلا يا أماه أنا ممتنة لكِ على كلامكِ لي ونصحكِ إياي، لكني خجلة من ربي.
_لا تخجلي يا بنيتي لا يوجد انسان معصوم من الزلل والخطأ فكل ابن آدم خطاء، لكن ربكِ يحبكِ لأنه هداكِ إلى ما يحب وما يريد، اجعلي قلبكِ خالصا له ولا تتخلي عنه أبدا، أما شعوركِ بالندم وطلب التوبة والمغفرة على زلاتكِ وأخطائكِ فهذا بداية توجهكِ بقلب خالص نحو الله تعالى..
وتذكري دائما إذا كان العالم كله خصمكِ والله معكِ فأنتِ المنتصرة فلا تأخذكِ في الله لومة لائم، قومي وتوضئي وافترشي سجادتك، فخالقكِ مشتاق إليكِ كثيرا.
_جئتك يا ربي وقلبي مسلم لك وخالص، أنا أيضا مشتاقة إليك كثيرا، خذني بأحضان عفوك ورحمتك يا رب فإني وحقك نادمة على كل معصية عصيتك إياها سرا أو جهرا.
_أنا افتخر لأن لدي ابنة مثلك تحب ربها وتعشق مناجاته ولا يهمها اإلا رضاه عنها.
اضافةتعليق
التعليقات