بعد أن أكمل علي دراسته الثانوية، وتخرج بمعدل الإمتياز، أرسلت وزارة التربية والتعليم العالي بيانا فيه إرسال علي لبعثة إلى أوربا، وصل البيان إلى منزله، شكر الله على ذلك التوفيق، جهز الأشياء التي يحتاجها في السفر وأول ما وضعه القرآن الكريم ومجموعة من الكتب والتي جميعها عن أهل البيت (عليهم السلام) لأنه يعتبرها مصدر القوة له .
ودع أهله وأقاربه، وصل إلى الدولة المقرر أن يدرس فيها، وكانت إيطاليا، ذهب إلى سكن الطلاب الجامعي ومن ثم هيأ نفسه لأول يوم له، إستيقظ بكامل نشاطه صباحا، وبعد أن صلى الفجر و أنهى قراءة دعاء الصباح، تناول فطوره، واتجه صوب جامعته.
يا ترى ماذا سيواجه؟ وهل يستقبلوه برحابة صدر أم لا؟ .
بدأ يبحث عن مكان قسمه، وجده فدخل، عم الصمت المكان فور دخوله، لأنه غريب في شكله، ولأنهم لم يتعودا أن يروا شخصية عليها سيماء الصالحين، سلم عليهم، تعجبوا لدقة كلامه باللغة الإنجليزية .
جاء الأستاذ الأول وعرف بنفسه وعن المادة المقرر أن يدرسها لهم، والثاني والثالث وهكذا...
مرت الأيام وعلي من أنبغ الطلاب الموجودين، ذات يوم قرروا الذهاب جميعا إلى الكافتيريا الخاصة بالجامعة، علي كعادته جلس بعيدا عنهم يطالع الكتب التي جلبها معه، وكان بيده كتاب ((نهج البلاغة)) .
أنطوان طالب في نفس قسم علي، يشعر بالغيرة منه في أغلب الأحيان، ويحاول أن ينصب له المكائد، كي يحبطه أمام الجميع، قام من مكانه، وصار يحوم حول علي.
أنطوان: علي، غريبون أنتم، وفاشلون، وقليلوا خبرة .
علي: من تقصد؟
أنطوان: أنتم العرب، فنحن أصل العلم، والعمل، الكتابة، القراءة وكل شيء، وأنتم ههه، أمة إقرأ، ولكن لا تقرأ.
علي: مهلا! علومكم مِن من؟
إنها من عندنا، ومصدرها بين يدي الان !
انطوان: ومن أين لك؟!
علي: من هذا الكتاب القيم، والذي يحتوي درر وكنوز أميرنا وإمامنا، وجميع العلوم والتي تدعي إنها من صنعكم وصنع دول الغرب !
أنطوان: سأحاول أن أقنع نفسي بهذا، ولكن أريد أن اسألك سؤالا، قرأت في أحد الأيام عنكم، إنكم تنتظرون المصلح فمن هو؟!
علي: إنه بقية الله في أرضه، ومن يملأها قسطا وعدلا، بعد أن ملأت ظلما وجورا .
أنطوان: إن كان هكذا، فماذا لو كان هذا إمامنا؟
كيف سنستعد له؟ وللقائه؟
أخذنا منكم كل شيء كما قلت، فماذا لو كان هو إمامنا؟.
أطرق علي برأسه، تذكر شوقه لإمام زمانه ودمعت عيناه، وقال في قلبه: مولاي هذا أقسى أنواع الظلم فمتى اللقاء؟!
ثم رفع علي رأسه بكل قوة وصمود وفخر وإعتزاز:
إن كان إمامكم، أتستطيعون تحمل الظلم والجور والشوق والإنتظار، فالمنتظر يريد إنتظار حقيقي..
تعجب إنطوان من جوابه، ورجع مطأطأ رأسه، قائلا: حقا إنه معشوقهم وحدهم.
اللهم إجعلنا من خلص المنتظرين لبقيتك.
اضافةتعليق
التعليقات