في طريق مكة كان يفكر بتجارة لن تبور رأى الامام الصادق (عليه السلام) وقال بينه وبين نفسه ها أنا حظيت بما أريد، اقترب نحوه وقال له: بأبي أنت وأمي أنتم الأئمة المطهرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إلي شيئا ألقيه إلى من يخلفني، فقال لي: نعم هؤلاء ولدي وهذا سيدهم، وأشار إلى ابنه موسى (عليه السلام) وفيه علم الحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم، وفيه حسن الخلق وحسن الجوار، وهو باب من أبواب الله عز وجل. وفيه أخرى هي خير من ذلك كله، فقال له أبي: وما هي بأبي أنت وأمي؟
قال: يخرج الله تعالى منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفهمها وحكمها، خير مولود وخير ناشئ، يحقن الله به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل به القطر، ويأتمر له العباد، خير كهل، وخير ناشئ، يبشر به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم، وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه..
غوث الأمة، هكذا وصفه الامام الصادق (عليه السلام ، هو الذي ينجي الجميع ويأخذ بيد زواره ولم يخصص فئة معينة أو المؤمنين فقط بل قال أنيس النفوس المدفون بأرض طوس من زارني... فهذا الكلام يشمل الجميع فقد وعد زواره بأن يرافقهم ويخلصهم من مواقف متعددة، فموقف واحد باستطاعته أن يشيب رأس الانسان ويذهله في ذلك اليوم العصيب، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه فما مدى رأفته؟
الذي يضمن لزائره النجاة من أهوال شتى، فقد قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): من زارني على بعد داري وشطون مزاري أتيته يوم القيامة في ثلاثة مواطن، حتى أخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا وعند الصراط، وعند الميزان.
الرؤوف الذي يعانق زواره بكل رأفة ويمسح على قلوبهم بكل لطف، الحبيب الذي منذ أن يقترب المحب إلى أرض طوس يشعر بحرارة تلك الابتسامة المباركة والترحيب ويقر عينا، يقال لأجل الوصول إلى المعرفة علينا أن نعرف الشخص والشخصية، فكيف تكون معرفة من يشد الرحال نحو ضامن الغزال؟ فهو الذي يرأف بجميع المخلوقات، وكيف تكون رأفته بمن يلوذ به وهو على معرفة ويملك الادراك؟
هو من شجعنا على الرجوع إليهم وطرق أبوابهم حينما علمنا كيف نتخلص من الشدائد حيث قال (عليه السلام ): "إِذَا نَزَلَتْ بِكُمْ شَدِيدَةٌ فَاسْتَعِينُوا بِنَا".
وقال (عليه السلام) أيضا:
الْإِمَامُ الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ وَالْوَالِدُ الشَّفِيقُ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَمَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ.
الامام يجمع بين كل أنواع الحب وهي أسمى وأعلى مراتب الحب وهو الحبل المتصل بين العباد وخالقهم وهو الوسيلة إلى الله وهو الكريم ابن الكرام البررة، فعترة نبي البشرية وملهم الإنسانية هم التجارة التي لن تبور ولقربهم فليعمل العاملون ولبابهم فليلجأ الملتجأون ولعطائهم فلترفع الأيادي وتتسابق النفوس.
اضافةتعليق
التعليقات