المرحلة الراهنة التي تمر بها الدول العربية، من تطور وإزدهار تكنولوجي، إضافة الى الأدوار القيادية الحساسة التي شغلتها نساء الغرب، من مناصب سياسية وإجتماعية مختلفة، وصلت الى حد منافسة الرجل على حكم بلد كامل، تتطلب تفعيل الدور القيادي للنساء العربيات ضمن الاطار الإسلامي دون تجاوز الحدود الإسلامية، من خلال إعادة صياغة مناهج تعليمية وتدريبية التي من شأنها إيجاد نماذج قيادية، شريطة المحافظة على الهوية الإسلامية الصحيحة.
إضافة الى خلق البيئة المناسبة التي تصلح لزراعة ونمو ثقافة قيادة المرأة في المجتمع الشرقي، وإستيعاب فكرة مشاركة المرأة للرجل في ميادين العلم والعمل وقيادة المجتمع.
وقدمت امريكا في هذا المجال احصائيات توضح دور المرأة القيادي في المجتمع الأمريكي، والتي تبين نسبة وصول المرأة إلى المناصب القيادية العليا هي 0.5%، وأن 22% من النساء في قيادات البنوك و21% من النساء يقدن دور النشر الكبرى، و19% يقدن شركات الأغذية، و40% من القيادات الوسطى تحتلها المرأة في أمريكا، مضيفا أن القوة الاقتصادية للمرأة عالية جدا.
على الرغم من ذلك، فمعظم المؤسسات التجارية في امريكا لا تنتبه الى قوة المرأة الإقتصادية. كما اننا نشاهد عدم مساواة المرأة مع الرجل في المجتمعات الغربية، فعلى سبيل المثال تعمل المرأة بنفس معدل الزمن الذي يعمل به الرجل الاّ انها تستلم راتب أقل مما يستلمه الرجل...
اما بالنسبة الى المجتمع الشرقي، فإننا نشاهد تخوفات الوطن العربي، من إعطاء المرأة دوراً قيادياً بسبب التشكيك في قدرتها على القيام بدورها في ذلك. على الرغم من وجود تقارير ودراسات أثبتت بأن المرأة أكثر ابداعاً من الرجل، كما انها تهب أهمية لقيمة أدائها وعملها..
والإسلام حرر المرأة من جميع القيود، وكرمها عن تشبيهها بالسلعة التي تباع وتشترى، وهب لها حق التعلم وأثبتت هي قدرتها على التأثير بالأحداث السياسية، فكان أول من أسلم امرأة وأول من استشهد في الإسلام امرأة، كما أن التاريخ الإسلامي زاخر بالنماذج الخالدة، كسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام).
(أن بضعة الرسول الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام، تعد أنموذجاً للمرأة والعالمة والمربية لم ولن نجد ما يقابلها من النساء ولن تتكرر ظاهرة الزهراء.
ولكن يبقى الإشعاع الذي انطلق قبسه من بيت النبوة ضياءاً وهاجا للبشرية جمعاء، وخير دليل على ذلك الأسماء الكثيرة التي كنيت بها رغم الحياة القليلة التي عاشتها.. علاوة على ذلك الأثر الخالد في خطبها التي ألقتها والتي تحمل في طياتها معاني ودلالات كثيرة تصلح لكل عصر وهذا السر الخالد متأتي من الدور الإنساني الذي أدته والمتمثل بان أئمة الهدى وعصمتهم تلتقي بالنبوة عن طريقها وهذا في حد ذاته يراه من يمتلك بصيرة بان هذا الارتباط عروة قوية فبالزهراء عليها السلام ترتبط الإمامة بالنبوة، لذا كانت هذه الرابطة لها أسماء متنوعة وكنى متعددة).
لقد كانت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام أول شرارة الصراع العقائدي السياسي في مرحلة التطبيق للشريعة الإسلامية - أي ما بعد مرحلة التنزيل. وهي التي تزعمت حركة العقلانية الأخلاقية بصورة عامة مطلقة لتبيان الأحكام الشرعية وإحقاق الحق، ورغم دعوتها للسلام التي تؤكد على الجانب الإنساني وتحرض على الانصياع للمثل العليا والتفاني من اجل المبادئ الرسالية، ودورها القيادي الفذ الذي كان ركناً مهماً من الأركان التي وقف عليه الإسلام، فقد كانت هي القائدة الأولى التي توجه الشريحة النسائية جنبا بجنب الرسالة النبوية، إضافة الى موقفها الصامد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فأن موهبتها الفذة على تفنيد الأيديولوجيات العدوانية والمرتدة تمثل منهجية علمية بارعة.
ان دراسة شخصية الزهراء عليها السلام يمتد إلى مجالات ذات أبعاد كثيرة ومتعددة، إذ ان للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) دور كبير في بناء وتدعيم قواعد الدين الإسلامي وتثبيت أركانه، إذ يقول سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (ولولا فاطمة لما خلقتكما).
فبالإشارة الى أدوارها القيادية في نشر الرسالة الإسلامية، ووقوفها بجنب الرسول في مواجهة المصاعب التي واجهت نشر الرسالة الإسلامية، وموقعها المهم في الحصار الذي تعرضت اليه المسلمين، إضافة الى الموقف الصعب الذي واجهته بكل قوة، بعد وفاة والدها الرسول الأعظم، من خيانة وهتك... نشاهد قوة شخصيتها، وقيادتها العظيمة وجهدها الكبير في توعية النساء ونشر الإسلام.
إضافة الى الخطبة الفدكية والمواقف التي اتخذتها الزهراء عليها السلام كانت صدمة عنيفة مضادة دمرت اتجاه الردة، إذ إن موقف الزهراء عليها أفضل الصلاة والسلام، خلق أزمة ضمير للأمة وصراع تاريخي من اجل المبادئ، فالشخصية العظيمة التي ظهرت بها سيدة النساء إختصرت معنى القيادة، وفتحت جميع السبل لممارسة المرأة جميع حقوقها وأخذ حيز مهم في بناء المجتمع، لم يقتصر على عصرها فقط.. بل تخطت السقف الزمني لجميع العصور والأزمنة.
اضافةتعليق
التعليقات