بعد رحيل الإمام الحادي عشر وهو الامام الحسن العسكري (عليه السلام) والذي يعد الحلقة ال ما قبل الأخيرة من سلسلة ذهبية انارت عتمة الدنيا بنور ضيائها، كان لابد من وجود خليفة رباني يقود الأمة الى حيث الصلاح، وحسب الشريعة الالهية: (اني جاعل في الارض خليفة) ومابلغ به الرسول الكريم فانه كان لابد من وجود نبي او وصي تعود له الأمة حتى تنتهي البشرية من على الأرض.
وحسب تبليغ النبي ووصيته المسنونة من قبل الباري عزوجل ان الامام علي (عليه السلام) هو من يتولى الخلافة من بعد النبي، ومن بعده ذريته التي كانت من صلب الامام الحسين (عليه السلام ) وعددهم اثني عشر خليفة يبدؤون بالامير وينتهون بالامام المهدي (عج) وهو المنتظر والمرتقب، منذ استشهاد الإمام العسكري في الثامن من ربيع الأول وقد شاء الله ان يبقى الإمام المهدي مغيب لفترة من الزمن وذلك لعدة اسباب منها...
1-الخوف على حياته الشريفة من السلطة العباسية حيث امعن العباسيون في عدائهم لآل بيت الرسول منذ توليهم السلطة وصبوا عليهم وابل من العذاب... ونجد هذا في قول الإمام الصادق (عليه السلام): للقائم غيبة قبل ظهوره، فبادر زرارة سائلاً لما؟، فقال الإمام الصادق(عليه السلام): يخاف القتل. ويقول الشيخ الطوسي: (لاعلة تمنع ظهور المهدي الا خوفه على نفسه من القتل لانه لو كان غير ذلك لما ساغ له الاستتار) (الغيبة / 199 ).
2-الإمتحان والاختبار، اي امتحان عباد الله واختباره لهم فقد اثر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: أمّا والله ليغيبن إمامك شيئاً من دهركم ، ولتمحصن، حتى يقال: مات أو هلك بأيّ واد سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السنن في أمواج البحر، فلا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الإيمان، وأيّده بروح منه (البحار : 53 / 7 و 281).
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، أنه قال: ((إنما مثل قائمنا أهل البيت كمثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو: ثقلت في السماوات، لا يأتيكم إلاّ بغتة)). ويقول الشيخ مقداد السيوري: ((كان الاختفاء لحكمة استأثر بها الله تعالى في علم الغيب عنده)) (مختصر التحفة الاثنى عشرية: 199).
4-ومن الأسباب التي ذكرت لاختفاء الإمام (عليه السلام) أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم. وقد أثر ذلك عن الإمام الرضا (عليه السلام)، فقد روى الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، أنّ الإمام الرضا قال: (كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه فقال له: ولم ذاك يابن رسول الله؟... قال (عليه السلام): لأن إمامهم يغيب عنهم... ولمَ؟... لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف)) (علل الشرايع، كمال الدين).
هذه بعض الاسباب التي عللت بها غيبة الامام المهدي، واكبر الظن ان الله تعالى قد اخفى ظهور وليه المصلح العظيم لأسباب لانعلمها الابعد ظهوره المقدس.
ومنذ ذالك الحين والى اليوم، بقيت الأمة بلا راعي تتخبط في بحر الظلمات يمينا وشمالا.. حيث جعل رب العزة لهذا الظهور علامات ودلائل... لايتم الا بحدوثها.
وقد قسم الباحثون وحسب الروايات المنصوص عليها من قبل اهل البيت (سلام الله عليهم) الى علامات حتمية وغير حتمية.
فالحتمية:هي المؤكدة الحدوث و المسنودة.. وهي (الصيحة، الخسف بالبيداء، ظهور السفياني، قتل النفس الزكية).
اما الغير حتمية: فهي الغير واجبة الحدوث يعني ممكن تحدث وممكن لا، وهي عديدة وكثيرة.
اما بشأن قيادة الأمة فنحن اوردنا ان لا بد من وجود قائد تتجه اليه الأمة فكيف يتحقق هذا مع غيبة الامام المهدي؟
بالاخص ان للأمام المهدي (عج) غيبتان الغيبة الصغرى والكبرى ولكن كيف ان تبقى الأمة بدون راعي ففي الغيبة الصغرى كان باب الولاية الخاصة وهي تعني السفارة فكانوا اربعة سفراء تم تعيينهم من قبل الإمام، حيث كانوا يقومون بنقل احداث الأمة الى الامام (عج)، لانهم على تواصل مع شخصه الكريم، وهم:
1-عثمان بن سعيد العمري
2-محمد ابن عثمان ابن سعيد العمري
3-حسين بن روح النوبختي
4-محمد السمري
وكان الأخير قد تمت بينه وبين الامام مكاتبة وكانت اخر رسالة من الإمام الى سفيره الاخير يبلغه فيها انه عظم الله اجر اخوانك، وانه تم اغلاق باب الولاية الخاصة وقد وقعت الغيبة التامة.
وانه في غيبة الامام الكبرى من يقود الأمة هم المراجع حيث يعتبرون وكلاء الامام، وعلى الأمة الرجوع اليهم فيما يقودون الأمة نحو الفلاح، والتبصر في امور الدين حتى يقع امر الله ويظهر فارس الحجاز.
ونحن كأمة منتظرة لإمامها المغيب ترى ماهو دورنا؟ وما الذي علينا فعله؟، لنقوم بعمل يقرب ويعجل من ظهور امامنا المحبوس في سجن الغيبة منذ أمد؟!!
ما علينا الا ان نكون بلسم لجراح امام زماننا، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، لا نجرح قلبه الطاهر بسهام المعصية.
نربي ابناءنا على الغوص في بحر العشق المهدوي ليكونوا قادة في جيش الإمام يضربون بأيديهم عروش الظالمين، ويزلزلوا الارض من تحت اقدامهم.
لان المهدي حقيقة كبرى، وشمس مستورة من وراء الغيوم، سيدخل ضمير الاجيال كأمل اخضر وسيبقى نوره يرافق حركة الزمن الى ما شاء الله، لأنه حلم العالم، والمنتظر الموعود لمحبيه وأعداءه.
اضافةتعليق
التعليقات