كنت ذات مرة قد توجهت إلى المكتبة كي أطالع بعض الكتب وعند قرب وصولي لها سمعت صوتاً يقول: يا أحبائي أوهل تعلمون ما هو هذا اليوم وما الذي جرى فيه؟
فأجابت أصوات كثيرة نعم نعلم، وأصوات متفاوته ما هو هذا اليوم؟ وما زلتُ انا استمع ظناً مني ان هناك أُناس يتحاورون في المكتبة حول مسألة ما فنظرتُ من خلال النافذة فلم اجد احد ولكني اسمع صوتاً فتحققت بالأمر وإذا بي اجدُ المكتبة تحاور الكتب التي بداخلها وعندها سمعت منها صوتاً اصدرته وقالت: أذاً سأُجيبكم يا احبائي ما هو هذا اليوم لكي تعلموا.. أن هذا اليوم هو يوم غدير خم يوم تنصيب امير المؤمنين ولياً على المسلمين جمعا وخليفة لهم بعد النبي صلى الله عليه وآله، فأجابتها مجموعة من الكتب وهي مبتهجة قائلةً: نعم انه يوم موثوق عندنا بتواتر واسناد صحيح لا ذرة ضعفٍ فيه فالرسول قد نادى بالناس جمعا في مثل هذا اليوم (… أيها الناس ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. قال: فإني فرط على الحوض، وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبُصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادى منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عِترَتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتى يراد على الحوض فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ثم أخذ بيد عليٍ فرفعها حتى رؤيَ بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلاث مرات، ثم قال: اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبَّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب، ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي) ويكفي بهذا دليلاً ان علياً ولي والله وخليفة رسوله الكريم.
فأجابت طائفة اخرى من الكتب قائلة: نحن ايضاً ورد عندنا هذا الحديث وباسناد معتبر وقوي وليس هناك من يُضعفه أطلاقاً فقد كتبوا الباحثين والمحققين فينا ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في مثل هذا اليوم: (كأني قد دُعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله تعالى، وعِتْرتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يَرِدا عليَّ الحوض. ثم قال: (إن الله عز وجل مولاي، وأنا مولى كل مؤمن). ثم أخذ بيد عليٍّ فقال: (من كنت مولاه فهذا وليّه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه) واثناء حديث هذه الطائفة من الكتب قاطعتها كتبٌ اخرى من صنفها فقالت نعم هو كذلك وهذه الصفة وهذا الكلام لا يجعلان الخلافة من حقه أنما هذا القول يُضاف لمكانة الامام علي عليه السلام.
فضحكت المكتبة وقالت مالكم تتشاجرون رغم أن كلاكم يُبين نفس الكلام ونفس المعنى لا تختلفوا أو تتخاصموا فكلاكما قد وردت فيه الرواية.. فقاطعها كتاب قائلاً: ما رأيكِ فيَّ أنا فنظرت إليه مبتسمة أما أنت فقد نلت شرف التسمية فلك العنوان والمتن والحاشية ما اعظمك فضحك كتابُ الغدير وقال: انعم بكاتبي العلامة الأميني إذ جعل أسمي هكذا وما بداخلي موالي لعليا.
فأجابته جدران المكتبة هنيئا لك، بل هنيئاً لكل كتاب ورد فيه ذكر علي ألم تسمعوا نو كُتب فيكم حديث النبي صلى الله عليه وآله إذ قال: ذكر علي عبادة؟ فأجابت جميع الكتب بلى سمعنا وأوراقنا تشهد وحبر القلم والكلمات.
وصاحت رفوف المكتبة وانا ايضاً نلت شرف حمل الكتب التي ورد فيها ذكر علي وذكر غديره المبارك .
وما هي إلا لحظات من الحديث عن علي بين رفوف وكتب وجدران وإذا بي أرى المكان تنساب فيه نسمات علوية عطرت الأجواء ونورت القلوب قبل العيون وانتهى ذلك الحديث الشيق بفرحة تغمر الجميع فقلت في نفسي: لله درك يا ابالحسن حتى الجماد نطق بفضلك.
اضافةتعليق
التعليقات
العراق /النجف الاشرف2019-08-22