اقترب موعدي منك.. وحان وعدي إليك في هذه الليلة المباركة لختم تأشيرة الدخول حيث تتهافت الأنفاس لاعتصم بحبل أمانك يا الهي.. هو اليوم الذي تحلق فيه الأنامل شوقا للمس ذلك الستار المقدس, فما بيني وبين من خلقني لهفة يتيم للقاء أمه في بيت الرحمة, ما بيني وبينه شغف متيم وشوق لسكينة تنزل برداً وسلاماً على قلبي المسرف في ارتكاب المعاصي.
هناك في الوادي المقدس تتعالى أصواتهم بالدعوات, تتلعثم حيناً, وتسابق بعضها حيناً, فينظمها نبض القلب, لينعم بلحظات سمو هذه الروح اللاهفة إليه.
إنه يومُ يطرق فيه الجميع باب الرجاء دون تمييز, يومُ يقف فيه الغني والفقير على صراط واحد لطلب المغفرة والتمني حيث الرضا والعفو, وقبول التوبة, ألسنتهم تلهج التلبية بإيمان تام وتقوى مصرحين بــ (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ، وَالنِّعْمَةَ، لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ).. فما أجملها من حروف قد نُسجت لمناجاة الله, حيث تسرعُ بالخطى وتقرب اللقاء.
في ذلك اليوم المبجل, سنرتدي ثياب النقاء لنعرف حقيقة لذة الخشوع, ولذة المناجاة بالدموع, ونحن في حضرة المعبود وتحت سمائه وبمحاذاته, حيث ينطق القلب قبل اللسان, فما أسعد المرء الذي تقرب إلى الله وعرفه, في يوم عرفة, اليوم الذي خصه الله دون سائر الأيام بعظمة لا نظير لها, كما اجتمعت الروايات على استحباب زيارة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) والغسل, والتضرع إلى الله بالدعاء قربانا إليه, لمن لم يستطع السبيل إلى بيته الحرام, إذ تتوحد العباد هناك من مختلف البلدان, والمعتقدات, كلهم سواسية يجمعهم بيت الرحمن في ثاني أطهر بقعة على الأرض (مكة المكرمة) في يوم ميزه الله وذكره بكتابه الكريم, إذ قال تعالى:
﴿فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾.
ولمن لم ينل شرف يوم اللقاء به والوقوف في عرفات, نسأل الله أن يكون ضمن قوافل حجّيجه يوماً, قبل أن يغادر هذه الحياة.
اضافةتعليق
التعليقات