مات أحد العلماء وبعد ما دفن في إحدى الأماكن المقدسة وضعت على قبره قطعة تبين ان هنا مرقد عالم جليل ذو شأن ووجاهة ولكن بعد مدة لم يجدوا الأقارب أي أثر من تلك القطعة التي كانت تدل على القبر!.
الأمر كان بسيطاً في الوهلة الأولى وعادياً بعض الشيء ولكن تبينت المآرب بعد ذلك، والهدف ماوراء ذلك كان عدم معرفة الناس بهذا العالم ومعرفة سيرة حياته والتعلم منه، هذا هو أسلوب الطغاة والحاقدين حيث إنهم يريدون النيل من كل شيء يزلزل عروشهم ويفضحهم ونشاهد قدرة الحق حيث إنه يرفع من يتمسك به في حياته وبعد مماته ويعلو من شأنه حتى وإن أرادوا إخماد نوره.
لذلك نشاهد الطغاة يخافون من الأموات وقبورهم أيضاً، ياترى ماذا يفعل هذا القبر كي يُخاف منه إلى هذا الحد الكبير؟
هل باستطاعة قبر أن يغير أفكار الناس ويؤثر عليهم؟
بالتأكيد يستطيع أن يفعل ذلك لهذا السبب نجد عندما يموت العظماء في انحاء الأرض يبنى لهم قبراً يبين من هم ويُزار تجليلاً لما قدموا في حياتهم وعبرة للأجيال القادمة كي يتعلموا ماذا يفعلون وكيف يتصرفون لأجل الوصول إلى ماوصلوا.
وهنا ندرك السبب وراء تخريب قبور الأئمة في البقيع الغرقد لأن الهدف هو اخفاء التاريخ وتضليل الأجيال وإخفاء مناشئ المصادر عن أراضي المسلمين، في هذه الحالة تصبح أفكار وقيم الناشئة بالية حيث ينظرون إلى الخراب في كل بقعة من بقاع أرضهم ويكرهون التواجد فيها.
لم يكن الجيل اللاحق الهدف ولكن الهدف الأساسي من وراء الهدم كان القضاء على بيضة الإسلام وإخفاء طريق الحق وتضليل الناس عن طريق خلق معلومات جديدة وفتاوى جديدة لم تكن لها أي أثر فيما مضى من زمن الرسول صلى الله عليه وآله إلى القرن السابق، فتدمير الآثار الإسلامية يفتح المجال لانتهاكات أخرى والتعدي بما لا يجوز.
ولكن ما حدث في البقيع كان خطة مدروسة لمحو اسم أصحاب الحق وأئمة أهل البيت عليهم السلام كي لا يثار التساؤل لمن يتشرف للحج وزيارة النبي صلى الله عليه وآله فهذه القباب كانت تثير السؤال في نفس الزائر كي يعرف من هؤلاء ويجد رأس الخيط ليصل إلى الحقيقة
ولكن بعد القضاء عليها لا توجد تساؤلات!.
ولا يعرف الكثير ممن يتشرف إلى هذه البقاع المقدسة أية أنوار تحمل هذه الأرض المباركة.
قدرة العلم والكلمة قوية جداً حيث يُخاف من أصحابها في حياتهم وبعد مماتهم أيضاً فقد رأينا كيف قُيّد الامام المجتبى عليه السلام في حياته وكيف حُبس الامام السجاد عليه السلام ومنعوه من الارتباط مع الآخرين، وضُيّقت دائرة ارتباطاته كي يُنال منه وكذلك الامام الباقر والصادق عليه السلام عانيا بطرق مختلفة وواجههما الأعداء بطرق أخرى ونالو منهم وبعد استشهادهم أيضاً حوربوا ونزلت هذه المآسي في حقهم، لذلك نشعر بأن طريق الحق مملوء بالصعاب والحروب ولكن الله مع الصابرين..
لنتعلم من سادتنا قوة الكلمة في وجه الطغاة، الكلمات والأفعال تأثيرها أقوى بكثير من الأسلحة وهناك دلائل نستطيع أن نشاهدها بوضوح في صفحات التاريخ فالجميع يدافعون عن حقوقهم وأراضيهم كي لا تستباح دمائهم ولا تُسرق أموالهم ولكن فئة قليلة جدا تقف أمام الكلمات وتدافع عن حقوقها لذلك ما يجري في الكون يدل على عدم اهتمام الناس بقدرة الكلمات ولكن الكلمة باستطاعتها أن تقضي على الشعوب وتدمر حاضرهم ومستقبلهم أو تنقذهم من الجهالة و تزهر أراضيهم و تزدهر المجتمعات، وباستطاعتها أن تزلزل عروش الضلالة حتى وإن دُفنت تحت التراب سيبقى الحق نوراً لا يمكن إخماده ويبقى من يحمل هذه الأمانة نبراساً يضيء العالم...
لعلي عليه السلام كلمة التي يلزمها الله تعالى المتقين:
ورد في كتاب أمالي الطوسي: المفيد، عن المظفر بن محمد البلخي، عن محمد بن جبير، عن عيسى، عن مخول بن إبراهيم، عن عبد الرحمان بن الأسود، عن محمد بن عبيد الله، عن عمر بن علي، عن أبي جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عهد إلي عهدا، فقلت: رب بينه لي، قال: اسمع، قلت: سمعت، قال: يا محمد إن عليا راية الهدى بعدك، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها الله تعالى المتقين، فمن أحبه فقدأحبني ومن أبغضه فقد أبغضني فبشره بذلك.*1.
-----
اضافةتعليق
التعليقات