في ذلك الصباح.. بالتحديد يوم 21 من شهر رمضان سنة 40 للهجرة كان هناك غياب لكل شيء جميل، غياب للرحمة والانسانية، غياب للبسمة التي طالما رُسمت على شفاه الأيتام والفقراء والبسطاء، غياب لأعظم حاكم حكم ما يُقارب نصف الكرة الأرضية بعدل الله فكان الضعيف عنده قوي حتى يأخذ الحق له والقوي عنده ضعيف حتى يأخذ الحق منه..
فإن قِلنا أن الامام علي عليه السلام هو الانسانية فإننا لم نقل ذلك جزافا.. فهو الذي كان إن أتاه اليهودي طالباً حق يعطيه له بعد أن يرى هل الحق له أم عليه.
وهو الذي رأى النصراني المكفوف حيث كان الإمام (عليه السلام) في شوارع الكوفة.. فمر بشخص يتكفف وهو شيخ كبير السن، فوقف (عليه السلام) متعجباً وقال (عليه الصلاة والسلام): ما هذا؟ ولم يقل من هذا، و(ما) لما لا يعقل، و(من) لمن يعقل، أي انه (عليه السلام) رأى شيئاً عجيباً يستحق أن يتعجب منه، فقال أي شيء هذا؟.
قالوا: يا أمير المؤمنين إنه نصراني قد كبر وعجز ويتكفّف.
فقال الإمام (عليه السلام): ما أنصفتموه.. استعملتموه حتى إذا كبر وعجز تركتموه، اجروا له من بيت المال راتباً..
وتتجلى في شخص امير المؤمنين علي عليه السلام العدالة الإسلامية بما لا مثيل لها بجميع مبادئ الأديان الأخرى، فالذي يبحر في سيرة الامام عليه السلام لم يستطع أن يصل الى ذرة من فضله وعلمه وعدالته وزهده وتقواه وغيرها من الصفات التي يعجز اللسان من قولها والقلم من كتابتها بل وحتى العقل والقلب يقفان عاجزين عن ادراك أوصاف هذا الامام العظيم فهو كتاب الله الناطق..
وينتاب كل موالي ومحب لأمير المؤمنين عليه السلام شعور غريب شعور ملئه الحزن ملئه اليتم والفقد وصرخات قلب قائلة من لليتامى بعدك بل من لنا نحن محبوك بعدك يا علي..
نعم فقدناك ومضى على فقدك اربعة عشر قرناً وما زلنا نعيش ذكراك، رحلت عنا بجسدك ولم يرحل عنا قلبك وتواجد روحك فقلوب المؤمنين المحبين تراها تطوف حول حضرتك تستلهم من شخصك كل مزاياك التي لم يحضَ بها أحد بعد النبي صلى الله عليه وآله غيرك أنت، أنت فقط يا علي.
لم يدرك العالم الاسلامي نعمة وجودك ولا رحمة محضرك فتآمر مع الشيطان فقام بقتلك ومن ثم مضى ساعياً بفكر تكفيري يريد النيل من اتباعك حتى لا يكون لشيعة علي ذكرا.. ولكن هيهات نزداد ونزداد وما يزيدنا ذلك إلا اصراراْ على ولايتك ومحبتك..
وفي الختام يا أمير الكون إننا الفقراء مددنا أيدينا إليك فكن لنا شفيعاً عند ربك فإنّا بك مستمسكون وعلى ولايتك باقون ما بقي الدهر.
اضافةتعليق
التعليقات