شدّوا الرحيل لينالوا شرف رؤية امام زمانهم، وينهالوا بأسئلتهم على معدن العلم والحكمة للامام موسى الكاظم (ع) لان الله امرهم بذلك، (فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) كما ورد في روايات اهل البيت (عليهم السلام)، هم مصداق هذه الاية المباركة، و كماقال علي بن موسى الرضا(علیه السلام): نَحْنُ اَهْلُ الذِّکْرِ وَ نَحْنُ الْمَسْیولُونَ.
احرق الشوق نبضات قلوبهم، رؤية امام زمانهم في كل زمان اعظم فرصة للمحب و افضل أمل للشيعة، كلما كانت القافلة تقترب نحو المدينة اكثر كانت القلوب تنبض بسرعة تفوق ما قبلها، وكأن الارواح غمرها اضطراب لا يوصف اكثر من ذي قبل، وكأنها من شدة الاشتياق صممت ان تغادر الجسد.
الى ان وصلوا الى المدينة...
غمرتهم السعادة وارتسمت الابتسامة على شفاه الجميع، اجمل صورة لانهم واخيرا وصلوا الى مبتغاهم!.
فرؤية امام معصوم شرف لا يناله الا ذو حظ عظيم،
بينما يبحثون في ازقّة المدينة عن دار الامام موسى ابن جعفر (ع) اخذ كل واحد يفكر و يسأل نفسه حسب عقله وعلمه..
ماذا افعل عندما ارى امام زماني؟ هل اقبّل يديه الشريفتين؟
لا.. اريد ان اقبّل رجليه!
والثاني فكّر.. ماذا يفعل اذا وبّخه امام زمانه بسبب معاصيه؟
و الثالث فكّر مليا ليضيف سؤالا على اسئلته لانه ليس من المعلوم ان يتكرر هذا اللقاء ووو..
الى ان اقتربوا الى بيت الامام، لحظات لا يمكن وصفها..
سكينة وطمأنينة تسكن المكان والملائكة ترفرف حول هذا البيت المبارك..
رجل يملك الدنيا بأسرها، يعيش ببساطة من باستطاعته ان يحول التراب الى الذهب ويعيش هكذا؟!
اقترب احدهم ليدق الباب كانت يده ترتعش من شدة الاشتياق و اللهفة.. فُتح الباب، دقائق واكتوت نار الغياب أمامهم احلامهم، امالهم، اشتياقهم،
يد العبرة خنقت اعناقهم!
وكأن الاماني فجأة تلاشت في اعماق بحر اليأس والقنوط..
مابالهم يفجعون؟! لم يعرفوا انّه سوف يأتي زمان على هذه الأمة يولد أناس ويذهب اخرون ولن يحظى الكثير منهم بأن يقرّوا عيونهم برؤية امام زمانهم..
بقلوب منكسرة تقطر حزنا اخبروا اهل الدار عن مشكلتهم وأنهم سلكوا طريقا بعيدا ليجيب الامام (عليه السلام) عن أسئلتهم، في هذه الأثناء كانت بنت الامام في اقحوانة حياتها وبداية رحلتها، طلبت منهم ان يناولونها الأسئلة ثم أجابت على الأسئلة واحدا تلو الاخر، ثم أرسلت اليهم الاجوبة، تعجّب القوم من ذلك وادهشهم دقة اجاباتها، كيف تجيب على أسئلة حيّرت كبار العظماء؟!
ولكن فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) بفعلتها هذه ادخلت ضياء السرور على تلك القلوب بعد أن خيّم اليأس عليها، وجبرت قلوبهم المنكسرة لكيلا يرجعوا فارغي الايدي الى اوطانهم.
وبيّنت للعالم بأسره انها قد غُذيت من بيت الوحي، كيف لا وهي بنت المعصوم واخت المعصوم وعمّة المعصوم..
رجع الرجال من حيث اتوا، ولكن الله لا يضيع عمل عامل ويعلم ماتخفي الصدور، لم يتركهم خائبين واراد ان ينالوا اشرف منزلة، وهي رؤية امام زمانهم، في الطريق قرّت العيون برؤية شمس العالم الامام موسى الكاظم، وشرحوا له ماجرى، طلب منهم الامام رؤية تلك الورقة، بعدما تفقّد الأجوبة ابتسم (عليه السلام) و بعظمته ذكر جملة تدل على عظمة هذه العالمة العابدة المحدثة وبيّن للعالم عظمتها وعلو شأنها، فقال: فداها ابوها.
اضافةتعليق
التعليقات