كنوز مختلفة تنتشر في بقاع الأرض تتهافت الناس للبحث عنها وجمعها. فلو سمعوا بأن في مكان ما وتحت باطن الأرض توجد الدرر والجواهر والذهب الخالص لتنافسوا في الوصول للحصول عليها ولتحملوا الصعاب والشدائد مستبشرين باقتناء هذه الكنوز المادية التي مهما بلغت فهي إلى انقضاء.
في حين هم متناسين وغافلين عن الكنز الثمين الذي لا ينفد، الكنز الذي يفيدهم في دنياهم وأخراهم. الكنز الذي تركه أفضل الرسل محمدٌ وعترته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليهم. كنوز معرفة لا تنضب، ترسم الحياة السليمة والصالحة لكل إنسان. يا للأسف لم نهتم للنهل من هذه الكنوز الثمينة وغفلنا عن الرجوع والاستفادة منها إلا القليل ففاتنا الكثير وأصبحت حياتنا في مهب ريح.
فكم ذكرنا الإمام الحسن العسكري عليه افضل الصلاة والسلام وعُدنا إليه للنهل من علومه الفياضة وهو ابن سيد الرُسل وقد ورث منه العلم والمعرفة والخُلق الرفيع، وهو أبو الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لإزالة الجور والظلم ونشر الخير والسلام.
فلنُلقي الضوء على حديث من أحاديثه العطرة النيرة حيث يقول مولانا الإمام العسكري (عليه السلام): "إنكم في آجال منقوصة وأيام معدودة والموت يأتي بغتة من يزرع خيراً يحصد غبطة ومن يزرع شراً يحصد ندامة".
كم جميل ما يبينه الإمام في حديثه من مسير الحياة الصحيح، ويذكر ويرجع الناس لما جاء في آيات الذكر الحكيم.
فكلما تقدّم بالإنسان العمر فهو يقل لذا هو في آجالٍ منقوصة وأيام معدودة له تقترب لانقضائها كلما تقدمت سنينه، فلا يعلم أي ساعة أو أي لحظة يأتيه ملك الموت ويقبض روحه ويُعلن انقضاء مدته ونهاية حياته المؤقتة.
وفي هذا يقول تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ". سورة آل عمران
وفي آية أخرى قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" سورة الجمعة.
وآيات عديدة تُبين كذلك ما يصير إليه الإنسان. ويوصي الإمام بفعل الخير وإن كل عمل جيد ونافع يقوم به الشخص يعود بالنفع عليه ويحصد آثاره. وكل عمل شر يهمُّ به يلقى متاعب ويجازى بمثله أيضاً فيندم في دنياه وأخراه وليس في الندم ما يُعيد ما كان.
وأشار لذلك تعالى في محكم كتابه حيث قال: "فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" سورة الزلزلة .
هذه تحفة من تحف الإمام الحسن بن علي العسكري سلام الله عليه أشار بها لأمرٍ مهم لو تنبه إليه غالبية البشر ووعوه لحصدوا الخير والحياة الطيبة.
اضافةتعليق
التعليقات