رأيت اختي بالأمس حزينة محمرة العين من فرط البكاء، ذابلة من شدة الغُمة التي فيها، منطوية في زاوية من دارنا واضعة يديها على عينيها منهمكةً بالبكاء، ولما خطوت نحوها لارى ما اشجاها، قالت: صديقتي اليوم انهالت عليِّ بكلامٍ جارح للغاية ممازحةً اياي دون ان تنتبه لملامح شعوري وهي تُدك امامها!.
فقلت لها: وما صنعتِ انتِ؟
قالت: طأطأتُ رأسي بين جمع من الحضور واكتفيت بالرحيل صمتاً، واكملوا هم حديثهم وكأن شيئاً لم يُكسر رغم ان هشيم قلبي كان عالي الصدى!.
آلمتني حالتها.. يقال ان جرح البدن يبرأ وجرح الكلمة في النفس لا يندمل، يبقى ندياً بالوجع، فاللسان سيف ذو حدين اما ان يبني انسان ويرفعه معنوياً بكلمة واما ان يهدم آخر بكلمة! كلمة واحدة فقط..
نتكلم نحن الاف الكلمات يومياً، ولكن من منا هو على كلامه رقيب!.
ان الاسلام احصى كل صغيرة وكبيرة من الامور الحياتية العامة ومن بين تلك الامور كانت الحالة النفسية، فقد اولى الاسلام عناية بالغة للمؤمن وخصه بحرمة عظيمة واكثر ما يوضح لنا هذا خطاب النبي للكعبة حين قال لها: والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن اعظم عند الله حرمة منكِ..
ثم توالت احاديث السنة النبوية والعترة تخبرنا بدقائق الامور التي ينبغي التوقف عندها واخذ الحذر من ان نكون غافلين عنها لشدة حرمتها حين يكون التعامل مع انسان مؤمن!.
اخاك او جارك او صديقك! فإن جعله حزيناً بتصرف ما او بشطر كلمة سيكلفك ما لاطاقة لك به،
فيقول رسول الرحمة (ص): من احزن مؤمنا ثم اعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته ولم يؤجر عليه.
حتى وان كنا في حالة من الغضب يجب ضبط النفس ونوازعها التي تهفو الى التنفيس عن غضبها بشيء من الكلام المتهادر الجارح لان اهانة المؤمن حتى في حالة الغضب لاتصح، ويرد عليه من الباري عز وجل، فحين سأل نبي الرحمة ربه: يارب ما حال المؤمن عندك؟
قال له: يامحمد من اهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة وانا اسرع شيء الى نصرة اوليائي.
فنرى ان هناك رعاية غيبية تحاوط المؤمن وقلبه وشعوره في كل المواقف والمواطن، فهذه دعوة لضبط النفس وانفعالاتها مهما كانت شدة الموقف، وان سوء الظن رغم مساوئه وما يورثه من ذنوب
حين يصل لخطوط المؤمن الحمراء يصل الى حد ان يميت الايمان في القلب، فلقد قال مولانا الصادق (ع): من اتهم مؤمنا انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء.
كما وإن للمؤمن قدسية تصل الى مرحلة العبادة بمجرد النظر اليه ،يقول الرسول (ص):
النظر الى اخ توده في الله عز وجل عبادة. وهذا القدر من التنبيهات كاف لنفشي المحبة بيننا لنصل الى السلام المنشود.
اضافةتعليق
التعليقات