أخذ يرمق من حوله بنظرة مليئة باليأس ، تفَّحص ملامحهم ، في محاولة يائسة منه ليعرف مايجول في عقولهم..
أبصر ملابسهم وراقب حديثهم وإتساخ الشوارع ، ثم بدأ يتذمر من سوء ما رأى..
لماذا نحن متخلفون في كل شئ ؟ لماذا هذا الجهل الجاثم على صدور أفعالنا.. ثار.. غضب فتناول قطعة من الكعك المفضل لديه كانت بيده بعد ان ازاح غلافها..
لن نتغير ، لا جدوى تُرجى من هذا الشعب فهو شعب يضجُ بالفساد والتخلف بعقول رجعية لا تعرف عن التطوَّر أدنى فكرة ، كم أكره تواجدي معهم ! أنا في المكان الخطأ بلا شك..
تناول جُرعة من العصير البارد واضعاً رجله فوق الأخرى وقال:
لابد أن هناك شيء خاطئ لا يمكن أن أعيش مع هؤلاء المتخلفون ، أريد أن أنتقل لمكان أكثر رقي أُعامل فيه بكل إحترام وأشعر بأنسانيتي الضائعة بين حطام هذا البلد..
تنفس بضجر وحسرة وهو ينظر للفراغ الذي أمامه فأخرج سيجارة من جيبه وأشعلها:
لن ينفع شيء أمام هذه الفوضى الكبيرة ، الكل في وضع الخراب..
سحق بقايا سيجارته ثم نهض من مكانه مُنزعجاً ومضى يلعن البلد ، الحكومة والشعب..
ذهب ومازالت قطعة الكعك وعلبة العصير تستلقي في سُكون على الكرسي الخشبي ، بجانبها نصف سيجارة مسحوقة تنتظر التطّور!
كل منا يحمل معول تغيير الأخرين على عاتقه لأنهم ليسوا كما ينبغي ولأنهم بحاجة للتغيير ، الكل ينشدُ لتغيير من حوله ، الكل يتضجّر من الوضع ويتمنى لو أنه كان في زماناً آخر لكان افضل ، أو أنه في البلد الفلاني ، وصاحب الوظيفة الفلانية ولو أنه كان بذلك المكان لفعل كذا وكذا..
لنتمهل دقيقة ؟
هل فكرنا إنَّ تغيير من حولنا يبدأ من عندنا ؟
يقول الله جل وعلا في كتابه العزيز : إنَّ الله لا يُغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم
أذن كل محاولات تغيير الأخرين ستبوء بالفشل مالم تبدأ منا ، من أنفسنا ؟
متى ما غيرنا ما بأنفسنا سيتغير بعض ما حولنا..
الأمر ليس بالهين لكنه ليس بالمُستحيل ، يبدأ حين تشتعل شرارة السؤال في كوامن ذواتنا : هل ما أفعله الأن من الممكن فعلاً أن يوصلني لما أُريد ؟
نحتاج لأجابة صريحة وصادقة ، إن كانت : لا.. هذا يعني أننا على طريق الصواب.
ونحتاج عندها لسؤال آخر : ما الذي أحتاجه لأبدأ الطريق لما أُريد ؟
بداية التغيير تبدأ من رغبتك فيه ، فلا تستطيع ان تتغير إلا إذا رغبت أنت في ذلك!
مالذي تريد تغييره ؟ إسأل نفسك وأطلب منها جواباً وكن محددا ودقيقاً بالإجابة..
سلوك أو عادة سلبية ، طريقة تفكيرك ، مشاعر سلبية تُقيدُ أنفاسك وتجعلك حبيسها ؟
بعدها ضع التغيير الذي تريده..
أبدأ بالفعل وليس الصفة التي تتمناها..
أريد أن أتحدث بصوت منخفض..
.. وليس : أريد ان يصبح صوتي منخفضاً
تأمل الاثنين فالحالة الاولى فعل تقوم به أنت..
والحالة الثانية مجرد صفة تتمنى ان تمتلكها..
ايضا تأكد ان تتحدث لنفسك بلغة الاثبات بعيداً عن النفي:
أريد أن أهدأ في حديثي.
لا أريد أن أتعصّب في حديثي.
أبدأ بأشياء صغيرة .. خطوة خطوة.
التحول صعب ولكن التغيير ممكن فالتغيير مشروط بقناعتك بأنه ممكن وبأنك تستطيع،
فهو عملية تتطلب الكثير الكثير من المعرفة عن أنفسنا ، أهدافنا ومهاراتنا وأيضاً تحتاج لتخط الخوف من التغيير والمواجهة فالخوف من الفشل والتغيير هو بحد ذاته فشل ( ورفضك تغيير نفسك وعدم أعترافك بأهمية تغييرها ماهو الا وقوداً لحرق أيام أفعالك).
عليك أن تعي أن الاخطاء ليست فشلاً وأنما هي مُحولاً لأتجاة جديد ونتائج جديدة.
يقول المولى معلم البشرية الامام علي سلام الله عليه : في التجارب علمُ مُستحدث.
إصبر وسوف تحصد ثمرة التغيير في الوقت المناسب وكُن على يقين إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
اضافةتعليق
التعليقات