قد تكثر المسافات و تنقطع سبل الوصل و في كل حركة و سكنة من أفعال أهل البيت عليهم السلام عبرة تعلمنا كيف نعيش لنسعد.
عن محمد بن عيسى قال: كنت في ديوان ابي عباد فرأيت كتابا ينسخ فسألت عنه فقالوا كتاب الرضا (عليه السلام) الى ابنه الجواد من خراسان فسألتهم أن يدفعوه الي فإذا فيه:
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ أَبْقَاكَ اَللَّهُ طَوِيلاً وَ أَعَاذَكَ مِنْ عَدُوِّكَ يَا وَلَدِ فِدَاكَ أَبُوكَ قَدْ فَسَّرْتُ لَكَ مَا لِي وَ أَنَا حَيٌّ سَوِيٌّ رَجَاءَ أَنْ يُنْمِيَكَ اَللَّهُ بِالصِّلَةِ لِقَرَابَتِكَ وَ لِمَوَالِي مُوسَى وَ جَعْفَرٍ عليهما السلام فَأَمَّا سَعِيدَةُ فَإِنَّهَا اِمْرَأَةٌ قَوِيَّةُ اَلْحَزْمِ فِي اَلنَّحْلِ - وَ لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ مَنْ ذَا اَلَّذِي يُقْرِضُ اَللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضٰاعِفَهُ لَهُ أَضْعٰافاً كَثِيرَةً وَ قَالَ: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّٰا آتٰاهُ اَللّٰهُ وَ قَدْ أَوْسَعَ اَللَّهُ عَلَيْكَ كَثِيراً يَا بُنَيَّ فِدَاكَ أَبُوكَ لاَ تَسْتُرُ دُونِيَ اَلْأُمُورُ لِحُبِّهَا فَتُخْطِئَ حَظَّكَ وَ اَلسَّلاَمُ .
الكلام الجميل صلة قوية بين الآباء والأبناء
يبين مولانا الرضا (عليه السلام) في هذه الرسالة القصيرة عظم شأن مولانا الجواد (عليه السلام) و مقامه الكبير و يردد (فداك أبوك) و يحفز الآخرين على الكلام الجميل والألفاظ الطيبة مع الأبناء.
هذه وسيلة من وسائل تعليم المؤمنين الأسس و كيفية التعامل مع الأبناء و الآخرين.
أهمية دعاء الوالدين للأبناء
و بعد ذلك نشاهد دعاء الامام لولده فالدعاء سلاح المؤمن و يغير حياة الفرد خصوصا دعاء الوالدين للأولاد فهو مستجاب و سبب سعادتهم و نجاحهم، الامام (عليه السلام) يدعو لولده و يعيذه بالله من أعداءه و يطلب من الله طول العمر له.
هنا نستطيع أن نقيس هذه القضية مع ما يجري في زمننا حيث ان هناك كثير من الآباء يدعون على أولادهم و يتمنون لهم الموت أو تعاسة أو …. فهذا الولد ربما يعيش طوال حياته تعيسا بسبب هذا الدعاء أو ما رسخ في ذهنه من أسوته في الحياة وهم (الوالدين).
اعطاء المسؤولية للأولاد وأهمية صلة الرحم
الامام يترك كل شيء بيد ولده و يترك له زمام الأمور ويوصيه بالأقرباء و الصلة معهم ويشير (عليه السلام) الى ركن أساسي من أركان النجاح و العظمة و البركة، فالعطاء يجعل الانسان محبوبا لدى الآخرين اذا كان مع الغرباء فكيف يكون ان كان للأرحام و لأجل وصلهم فنرى هذه الظاهرة شبه معدومة في مجتمعات اليوم حيث ان الانسان يفكر بنفسه فقط و في بعض الأحيان يقطع علاقته مع الآخرين كي لا يتحمل أعبائهم.
العطاء يطرح البركة
ان القضية معكوسة تماما فقد يفكر المرء بأنه عندما يعطي قد يقل ماله ولكن الله تبارك وتعالى يطرح البركة و يكثر ماله فيضاعفه له أضعافا كثيرة وعدم العطاء يقلل البركة
وهناك الكثير الكثير من الدروس عندما نتمعن في كلمات الامام (عليه السلام) وتوجيهاته رغم بعد المسافات الا انه كان يهتم بارشاد ولده مع انه امام معصوم وهو عالم بكل شيء الا انه يبين أهمية الارشاد و دور الكبار و تأثيرهم على حياة الصغار.
و لنا في آل رسول الله أسوة حسنة فهم يعلمونا كيف نعيش و كيف نحيا و كيف نسعد فلا يوجد خير حقيقي الا عندهم و لا توجد سعادة الا بالتمسك بهم .
فمن يتمسك بهم يحصل على خير الدنيا و الآخرة ، و هل يحلم المرء بغير ذلك؟.
اضافةتعليق
التعليقات