• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الهديل المختنق

نادية حمادة الشمري / السبت 22 كانون الثاني 2022 / تطوير / 2287
شارك الموضوع :

صوت همهمة هديل دافئة تقترن بأسماعها، توقظها من غيبوبة لثوان معدودة

باب من خشب نراه بوضوح، لم يترج كله، تحرسه حمامة بيضاء تسعى عيناها مدهوشتان بألوان لملمت أفراد لوحتها في رسمة عهدتها من قبل، رفرفت بجناحيها مستنجدة على وقع دقات القلب، تبدو لي مألوفة، فهي تحمل ملامح شخصية أعرفها، مهلا.. فضة.. إنها الزهراء..

ما بال لون عينيها قد تغير بعد أن اخترقتها طلقة مقصودة من ذئب فقد الإيمان قلبه وأحب الدنيا وعشقت عيناه السلطة والجاه، فسودت السماء وفقدت الصفاء لتوالي الليالي بلونها على الأيام..

بقايا دم أبى أن يسقط على الأرض، فحفر على الباب طريقا مجرى لنهر مستمر، اختنق الهديل بحلقها وقفت على أعتاب الباب تترقب الألم على ضلع لها..

صوت همهمة هديل دافئة تقترن بأسماعها، توقظها من غيبوبة لثوان معدودة، جناحها المهشم فارق الحركة، بعد أن اخترقت الطلقة جناحها، تحاول أن ترفرف بجناحيها فلا جواب، لكنها بإصرار حركتها وبدعاء هديل حمامها، تستقبلها القبلة والسماء تنفلت من عينيها دموع بغزارة  يوم شتوي ممطر، نظرات منكسرة تختبئ خلف ستار الفراق.

لم هي بالذات؟ ولم انقلبوا؟ تسعفنا ذاكرة التاريخ بشيء من التفاصيل، ضعف باغتها من دون سابق إنذار وهي تذرع صحن الدار ذهابا وإيابا من الألم، تحفظ ابتسامة تعدها مستقبلة محبيها بدءا من ذويها وحتى محبيها..

أصبح الموت يطرق الباب بإصرار مريع، فزوج يعز عليه مفارقتها فهي سنده في البيت والحياة، تاركا لها حرية هندسة تلك الحياة بمعطياتها.

ملل شديد يستبد بعقارب الألم التي تتعاقب ليلا نهارا، يبدو أنها تواطأت مع الشوق الذي استثمر أدق التفاصيل.

تنظر الحمام بهديلها إلى لون الليل والنهار فتراه متوقفا تتداخل الكلمات أمام عينيها، وتصبح حروف هديلها طلاسم عصيبة على سامعيها يوم ذاك فكيف على حروف التاريخ الفهم إذا؟

يدق التاريخ أبوابه.. في كل ثالث عشر من جمادى الأولى وكتب التاريخ تنبض بروايات متسلسلة، ويتذمر قارؤوها من استعمار ظلم مؤرخ بوجع الفراق.

وقفة أمام باب التاريخ، فتحه الوجع، بملامح رجل ضخم يحمل في يده نارًا، اقتحم مستقبل أمة، فتبع الباب ومن خلفه خلسة، وفي عينيه نظرة وضيعة تشي تماما بنيته الغدر، نظرة جائع شره إلى حب الدنيا أمام باب لم يستطع الدخول إليه، رهبا، وخوفا يدفع بابا يسكن به مسمارا، تحاول أن تهزمه يخونها ظلمة، فيمزق ضلعا لها معتذراً عن خذلانهِ إياها، وتنفلت دعوات يصعد هديلها إلى السماء وفي كل مكان تقترب من الباب ألسنة اللهب وماجمع من حطب..

سقطت خلف الباب..

الآن.. تتذكر بهديلها لنا نظرات ذئب جائع بقوائم أربع، يرتدي فراء أسود غطى وجهه الماكر، وصوت عواء صراخه يغطي صوت هديلها..

أمام الباب بوجهه البغيض، وحطب وألسنة نيران، خلفه حمام أبيض يسقط على سجادة الصلاة دون حراك، كانت الساعة تتجاوز منتصف الليل، وقد اعتادت العيون على انهاء السهر في كثير من الأزقة، مرت عليها العيون الصادقة فوجدتها مغلقة، ربما بسبب ما خلفه عظم مصاب الأيام السابقة وبعض البرد الرطب الذي كانت تغرسه تيارات الأهواء في النفوس.

لم نجد ساهرا في المدينة غير الأربعة، رجالا دق الحزن الغائر في قلوبهم تلافيف عميقة، ربما يتحاشون نظرات السراق، امتدت بنا دروب آخر الليل مبتلة بالدموع ولكنها أقل بردا، وامتد الصمت الذي لازم المكان، رجع إلى البيت وأصلح الباب وبات إطارا يشتد بانفعال أليم وهو يستعيد المنظر الذي لم يغادر باب التاريخ وإن اختنق ببوح الحقيقة، وفي ضحى اليوم التالي بعدما استيقظ بات الأمر مؤكدا أن وجهة المدينة بات كهلا محاطا بشعر أبيض يحمل ضحكة واسعة بلا صوت وتطاردها عيون المدينة السارقة وتتابعها.. كل المدينة.

مات الحمام، فتذاكر الطغاة اسمها مازالت بهديلها شريانا ينبض في القلوب الصادقة.

أهل البيت
الظلم
التاريخ
قصة
فاطمة الزهراء
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير

    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها

    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم

    في ثرى البقيع... كُلُّ الذي دون الفِراقِ قليلٌ

    في يومها العالمي... الترجمة لغة ثانية للحياة

    آخر القراءات

    رجب طبيبك فاستمع لطبيبك

    النشر : الأربعاء 01 شباط 2023
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    دور الآباء في مراحل اكتشاف الخوف عند الأطفال

    النشر : السبت 25 تموز 2020
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    مع بشرى حياة تخطي أزمة سن الأربعين بسهولة

    النشر : السبت 20 آذار 2021
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    أم البنين الشجرة المثمرة

    النشر : الخميس 05 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    العقيلة زينب بين الترميم والنقل: سيدة الجرح والصبر

    النشر : الأثنين 28 تموز 2025
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    ازمة سكن العشوائيات بين الحاجة والبديل

    النشر : السبت 28 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 24 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    الزواج.. ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسِجه المودَّةُ والرحمة

    • 657 مشاهدات

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين

    • 442 مشاهدات

    الشجاعة الحقيقية في مواجهة الهزيمة

    • 353 مشاهدات

    كانت مجرد كلمات… حتى بدأت أبكي دون أن أفهم السبب

    • 352 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 953 مشاهدات

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    • 906 مشاهدات

    استبدل ولا تحذف: الفراغ عدو التغيير

    • 821 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 780 مشاهدات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    • 756 مشاهدات

    ماذا أنت فاعلٌ بحياتك؟

    • 732 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    السيدة الزهراء.. شريان الإيمان ونور اليقين
    • منذ 22 ساعة
    بالكلمة الطيبة قوة الأثر والتغير
    • منذ 22 ساعة
    السيدة الزهراء.. أسماؤها وألقابها
    • منذ 22 ساعة
    بويضات من خلايا جلد لإنتاج أجنة.. البشرية أمام علاج جديد ثوري للعقم
    • منذ 22 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة