ما إن يظهر القمر مكتملاً عاكساً لنور متغلغل وسط أسراب الظلام في مسلسل أو فلم حتى نعرف بأن حدث سيء سيكون المشهد الذي يليه، هل نعرف سبب هذه الإشارة؟
تؤكد الدراسات والملاحظات أن للقمر تأثيراً واضحاً على المد والجزر، حيث تجذب جاذبية القمر محيطات الأرض، فيحدث المد على الجانب الآخر من الكوكب لأن الجاذبية تسحب الأرض باتجاه القمر أكثر مما تسحب الماء. وعند اكتمال القمر تصطف الشمس والأرض والقمر، وتنتج مداً وجزراً أعلى من المعتاد.
أثبت علماء النفس أن هناك ارتباطاً قوياً بين اكتمال دورة القمر وأعمال العنف لدى البشر، وخاصة بينه وبين مدمني الكحول، وذوي النزعات الإجرامية، وأولئك الذين يعانون من عدم الاستقرار العقلي والعاطفي.
واتضح للعلماء من التحليلات والإحصائيات البيانية التي قاموا بجمعها، والتي حصلوا عليها من سجلات الحوادث في المستشفيات، ومراكز الشرطة، وبعد ربط تواريخها بالأيام القمرية أن معدلات الجرائم وحوادث السير المهلكة مرتبطة باكتمال دورة القمر، كما أن الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات النفسية، ومرضى ازدواج الشخصية، والمسنين أكثر عرضة للتأثر بدورة القمر.
ويعود هذا إلى إن جسم الإنسان مثل سطح الأرض يتكون من 80% من الماء والباقي مواد صلبة، فيُعتقد بأن قوة جاذبية القمر التي تسبب المد والجزر في البحار والمحيطات، تسبب أيضاً هذا المد والجزر في أجسامنا عندما يبلغ القمر أوج اكتماله في الأيام البيض.
وهنا نحتاج لوقفة تأمل لما وضعهُ ديننا الإسلامي من طاقات روحية في هذه الليالي البيض من كل شهر قمري (ليلة الثالث عشر "تُسمى هذه الليلة بـ العفراء" وليلة الرابع عشر والخامس عشر) لشحن النفوس بما تستطيع من خلاله تحدي تقلبات هذه الليالي، تارة نرى روايات تأكيد صيام هذه الليالي من كل شهر لما للصوم من تأثير على ضبط النفس وسموها نحو الكمال، وتارة نجد صلاة مستحبة أو دعاء.
في عام 255 هـ في ليلة المنتصف من شهر شعبان، حيث القمر في أوج تألقه والسماء ناثرة لنجومها فوق الملوية هُناك في سامراء، كانت الملائكة تهبط وتصعد مترقبة حلول فجر موعود يولد فيه آخر الأقمار من الأوصياء، خر ساجداً حملهُ والده فنطق بين يديه متشهداً لله بربوبية ولمحمد بالنبوة ولعلي بالإمامة ولأجداده المعصومين بالحجية والولاية، بزغ القمر الذي سُيبدد ظلام الدهور، سيملأ الأرض عدلاً، بزغ مُنذ 1187 عام ولكن حُجب الذنوب وتراكماتها حالت بين البشر والإتصال به (إلا من رحم ربي).
وفي ليلة مولده تواترت الأحاديث المؤكدة على العديد من الأعمال التي بها تُغفر الذنوب وتصفو النفوس علها تكن لظهور نوره أهلاً، من أعمال ليلة النصف من شعبان: زيارة الحسين (عليه السلام) وهي أفضل أعمال هذه الليلة، وتوجب غفران الذنوب، وأقل ما يزار به (عليه السلام) أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنة ويسرة ثم يرفع رأسه الى السّماء فيزوره (عليه السلام) بهذه الكلمات:
(اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ)، الغسل، فإنّه يوجب تخفيف الذّنوب، بالإضافة إلى إحيائها بالصّلاة والدّعاء والاستغفار كما كان يصنع الامام زين العابدين (عليه السلام)، وفي الحديث من أحيا هذه اللّيلة لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب.
من هُنا نفهم مدى طمأنينة من تعلقت قلوبهم بسيد عصرها المهدي عجل الله تعالى فرجه، فلا يقوى القمر وتأثيره عليهم.
اضافةتعليق
التعليقات