• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

في أدراج الذاكرة.. لاشيء يموت!

حنان حازم / الخميس 07 شباط 2019 / تطوير / 2551
شارك الموضوع :

إياك أن تدع نفسك وحيدا في ليل شتاء بلا قمر، لأن شبح الحنين سيهاجمك بغتة، سيحيط بك ويضيق عليك الخناق؛ ليس لديك ما يلهيه عنك؟ إذن لامفر!. ليلة ح

إياك أن تدع نفسك وحيدا في ليل شتاء بلا قمر، لأن شبح الحنين سيهاجمك بغتة، سيحيط بك ويضيق عليك الخناق؛ ليس لديك ما يلهيه عنك؟ إذن لامفر!.

ليلة حالكة السواد طغى عليها الهدوء التام والكُل فيها ملتحفون باتوا نيام إلا أنا؛ أتقلب بتوتر، أنصت لدقات البندول فوق رأسي وكأنه يتعمد المشيّ بتثاقل ليجعل ساعاتها تبدو طويلة جدًا، تمر ببطئ شديد يبعث على الملل ونوبات من الحزن والكآبة، ترتجف أطرافي من البرد القارص كما يرتجف قلبي مما صار يجري عليه في هذا الوقت المتأخر؛ ما الذي أصابني يا الله!.

هي لم تكن أول مرة اضطجع فيها لوحدي، ولكن انقطاع الطاقة الكهربائية يسبب الكثير من المتاعب آخرها انقطاعك عن العالم الخارجي، ذاك العالم الذي تراه من خلال الشاشات فهو سلطان الزمان الذي أصبح غالبًا من يقتل معظم ساعات يومك كما تعلم!.

اتخذت جلسة القرفصاء أمام المدفئة النفطية، راح النور الخافت المنبعث منها يحيط بي ويومض كل ثانية؛ لا صوت يعلو على صوت زخات المطر الغزير، أشحتُ النظر عاليًا نحو السقف رأيت ظلي, إني أشبه بكتلة من اشياء مكومة، الساعة تشير نحو الثانية وسبعة وثلاثون دقيقة والسماء لا زالت  تُفرغ ما فيها. أنا لا أشعر بالدفء رغم توفره, يا للعجب!.

أحسست بالقلق على نفسي تُرى هل أنا مريضة دون أن أنتبه؟ أجبت -كلا أنا لا أشكو من شيء - إلا انني أشعر بالوحدة! يبدو أن الأمر كذلك, أجل أنا أشعر بها..

على معصمي سقطت أول دمعة دون علمي وتوالى بعدها سيل من الدموع؛ ما الذي حدث! يبدو إنه انهيار لفيض أحاسيس ومشاعر جميلة حُبست خلف قضبان الماضي منذ زمن بعيد ونُسيَّ أمرها فالحاضر يعجّ بالكثير, يا للظلم.. إنها لا تزال حية.. يا للغرابة!.

احتشد بيّ الشوق وكأنه تأهب لمعاقبتي، وراح يهزني بقوة لأجهش بالبكاء؛ يطرح على ذاكرتي بعض أسئلة: أين كنتِ في مثل هذا الوقت قبل كم عام من الآن؟

وعلى أي حالٍ قضيتِ تلك الأوقات النفيسة؛ وهل أتت عليكِ الليالي اللاحقة بمثلها؟!.

اتقدت في روحي شعلة حنين حارقة صوب تلك الأيام الخوالي وأعادت شريط ذكريات سعيدة يتقطع الفؤاد لفقد صانعها، كُنا برفقته نجلس كل مساء مجتمعين حول المدفئة نتلاعب بانحناءات أصابع أيادينا لنرسم بعض أشكال يعكسها ضوء الفانوس النفطيّ على سقف وجدران غرفة المعيشة، كخيال لحمامة تطير وكلب بنبح وأرنب يحرك أذنيه وكل واحد يتفنن بما يعرف ليقوم بعرضه علينا بالصورة وتقليد للصوت أيضًا..

كان حين يجتمع بنا أرى حتى عيناه  تبتسم بحب كبير لوجودنا حوله كنت ألاحظ الغبطة ترتديه كليًا، يتفقدنا بعمق ويقص علينا بعض الحكايا ويلقي على مسامعنا بعناية الكثير من الحِكم والنصائح التي كنا غالبًا ما نتذمر من سماعها في كل مرة لجهلنا مدى قيمتها، كان يبدأها بكلمة (الحياة.... ..الخ)  ولا ننفك من محاولة تلخيص هذه الفقرة لننتقل إلى متعة مخزنة يمتلكها بعفوية، وموهبة رائعة في كيفية سرد الطُرفة التي لا نمل سماعها من فمه حتى لو كررها ألف مرة، فعِلو نبرات قهقهاته الصادقة هي التي كانت بحد ذاتها ما يجعلنا نضحك من كل قلبنا!.

أعتقد أن ضحكاته الصاخبة تلك لم تكن بسبب سماع الطُرفة التي نقولها نحن أو هو؛ وإنما الحقيقة خلف روعة سعادته هي وجوده بيننا، دائما ما كنت أحس عليه وهو يتفقدنا ليلًا يعيد ترتيب الأغطية على أجسادنا كي لا نبرد ويتفقد النوافذ والأبواب خوفًا من وجود فجوة مهما كانت صغيرة أن تأتي علينا بالهواء البارد، وبعدما كبرنا فارقناه وأصبح كل واحد فينا رب لأُسرة، هو لم يتغير أبدًا بل اصبحوا أولادنا ونحن شغله الشاغل وزاد اهتمامه وحرصه علينا، فلا يهدأ له بال طوال الأسبوع وهو في انتظار يوم الجمعة ليتصل بنا ويدعونا لزيارته وهذا بالنسبة لنا يُعتبر أَمرٌ وليس طلب.

وكالعادة لابد من انعقاد جلسة المساء للاطلاع على آخر المستجدات في حياتنا مع تقديم الارشاد والنصح للتخلص من المشكلات بأحسن الحلول؛ وبعدها نستمتع بالسخرية من بعضنا البعض والضحك الكثير إلى أن  نتعب وننام نحن وهو يسهر حتى طلوع الفجر, يرتل آيات كتاب الله بخشوع وصوت خافت شجيّ كعادته؛ كثيرًا ما سمعته يدعو لنا بالتوفيق والهداية، إلى اليوم لا زلت أشعر بملمس يديه الحانية على جبهتي كلما مرِضت كأنه يزورني في المنام وإني لأحسبه يقظة!..

طيب القلب هو, حنانه وعطفه يشمل كل من يقابله أياً كان حتى عابر الطريق، منذ صغري اعتدت على رؤية عطائه الباذخ تجاه الجميع وتعلمت منه أن العطاء يفوق الأخذ سعادة وجمال، وإن الإيمان المطلق بالله هو سبيل النجاة في أحلك الظروف والأحوال والصبر على البلاء خير الأعمال، وإن الحياة مدرسة مهما قست علينا باختباراتها الصعبة التي نفشل فيها سنتعلم من خلالها كيفية النجاح، وإن بعد كل سقوط لابد أن ننهض بقوة..

تعلمت منه الكثير لكنه لم يُعلمني كيف أقاوم حنيني إليه دون انهيار وبكاء، رحل سريعًا بلا سابق انذار وترك في قلبي كسر لا يُجبر، رافقه في رحيله كل شيء جميل عشناه على حياته, اجتماعاتنا صارت نادرة وضحكاتنا كاذبةٌ إن علت يجتاحها الحزن فتنعى ذكراه لنعود ونقول: "رحمك الله يا أبي" كان يقول.. وكان يفعل..

من قال أن الماضي يمضي, يرحل ويموت! لا شيء مما عشناه يُنسى بل في أدراج الذاكرة يطوى ويُترك إلى حين تعصف لأجله رياح الحنين كلما افتقدناه وافتقرنا لمثله أو الألم القاتل لعودة ما قاسيناه, مرة أخرى..!

ازداد وجع قلبي وغزا رأسي صُداع فظيع, شهقت بقوة وهممت بالقيام وعندما وقفت شعرت بالدوران فسقطت أرضًا وأنا أرتجف وأتوجس خيفة، ما الذي سيحدث لي وكأن نهايتي أوشكت!

يا للسعادة.. هل سألتحق به أخيرًا..

استسلمت لضعفي وتمنيت الرحيل بهدوء؛ ولكن سرعان ما تداركت نفسي فور سماع صراخ طفلتي وهي تناديني من غرفتها في العلية، استفقت بحالٍ تعِب لأذهب اليها وإذا بصوت المؤذن يعلو: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) هنا ذكرت الله وصليت على نبيه ورحت أستغفره  وأسأله العفو لغفلتي فبعد كل غياب هناك لقاء بإذنه الرحمن؛ إلى أن تجلى نور الصباح وعادت الطمأنينة لربوع قلبي..

الانسان
الحياة
الماضي
الأب
العاطفة
قصة
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي

    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات

    فن الاستماع مهارة ضرورية

    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    كيف تربي خيالاً لا يريد البقاء في رأسك؟

    آخر القراءات

    الحب عطاء.. الحسين أنموذجا

    النشر : الأثنين 02 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    استطلاع رأي: كيف نحيي الشعائر؟ 

    النشر : الأحد 20 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    رحلة في التوحيد

    النشر : الأربعاء 12 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    قراءة في كتاب: صراع الأجيال

    النشر : السبت 13 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 13 ثانية

    المقايضة.. كيف نستغل ولع أولادنا بالشاشات الذكية؟

    النشر : الخميس 30 آيار 2019
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    من حكم المولى.. ونعم القرين الرضا

    النشر : الأحد 06 تشرين الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 22 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1334 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1318 مشاهدات

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 828 مشاهدات

    أربعينية الحسين: ملحمة الوفاء وتجسيدها الحي في عطاء المتطوعين

    • 735 مشاهدات

    "خيمة وطن" نقطة ارتكاز إعلامية وصحية في عولمة القضية الحسينية

    • 414 مشاهدات

    حين ينهض القلب قبل الجسد

    • 408 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1334 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1318 مشاهدات

    في ذكرى هدم القبة الشريفة: جريمة اغتيال التاريخ وإيذانٌ بمسؤولية الشباب

    • 1243 مشاهدات

    السيدة رقية: فراشة كربلاء وصرخة المظلومية الخالدة

    • 1207 مشاهدات

    كل محاولاتك إيجابية

    • 1137 مشاهدات

    التواصل المقطوع

    • 1057 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الحجاب وتحديات الانفتاح الرقمي
    • منذ 7 ساعة
    نحن لا نتذكر أيامًا، بل نتذكر لحظات
    • منذ 7 ساعة
    فن الاستماع مهارة ضرورية
    • منذ 7 ساعة
    تناول الأفوكادو يحسن جودة النوم
    • منذ 7 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة