إن النظام الحياتي على مرّ السنين يعمل بتناغمٍ إحترافي كأعضاء الجسد، فقد تمضي وظائفه على أتمّ وجه لو تفانت الأعضاء بعملها المفروض وتتراجع كفائتها لو خمل أحدهم وتقاعس عن المضي.. وكما قال الشاعر سعدي الشيرازي ؛"إنما البشرية كالأعضاءِ في الجسد، خُلقوا من جوهر واحد، ما إن تعطّل عمل أحدهم يُصاب البقية بالخلل والتراجع ".
فالموظف الذي يحتمي خلف مكتبه الهش ذو الأقلام الزرقاء الباهتة والأوراق الصفراء المخططة في زاوية مضمورة بأحدى الشركات المتواضعة لا يقل أهمية عن المدير الذي يتربع خلف مكتبه بالخشب السندياني المحمل بأقلام وأدوات الماركات الباريسية، والفنان الذي يقضي معظم يومه بين اللوحة والألوان أو الخشب والنجارة لا تقلّ قيمته أمام الدكتور او الفيزيائي!.
فكلٌ يعمل ويحصد ما يقدم و الشأن واحد في ذلك.
ولكن بعض التطور السلبي الذي يحدث اليوم إستطاع قلب الصورة الواقعية رأسا على عقب و بلا فائدة ترجى، فلم يعد هناك رضىً بين جموع البشر بما يملكونه، أمّا الأنظار فتتحملق على القمة دائماً نحو المشهور الذي يتبعه الملايين والمدير بالراتب المغري ورئيس القسم ذو الإحترام المضاعف وما دونهم يعملون كالروبوت بلا مشاعر ولا إنجازات بل يكون ذلك سبباً لإستصغار ذواتهم وإحتقارها !!.
وفي المقابل يتم تجاهل الخصلة السامية التي تحط النفس من خلالها على ميناء السلام الا و هي القناعة ولا نعني بها القناعة السلبية، فالسلبية منها غير مرجوة للإنسان والتي بموجبها يكتفي الفرد باللاشيء ويتقاعس عن المضي مع الحياة ومجاراتها بالتطور والنمو والانجاز، وبذلك يُطفئ شمعة الشغف بداخله ويلجأ لظلام الروتين والتكرار و دوامات الإكتئاب والضيق .. هذه القناعة تميته حياً وتطفئه و إن كان مشتعلاً..
بل نعني بها القناعة الإيجابية ؛ بأن يسعى الفرد وينمو و يتسلق على ظهر إرادته وطموحه وشغفه ويستريح بمكان يليق به ويعينه على الإنتاج دون ان يتعدى على حقوق غيره .. حينها يتوقف عن مقارنة نفسه بمن دونه أو بمن هو اعلى منه لأنه استطاع ايصال ذاته لما يلائمها ويأتي على قياسها بلا حرمانٍ او تفريط ..
لا تدعهم يذيبون سكونك بوضع مستوىٍ واحد للنجاح لا سبيل للتفوق سواه .. أنت ناجح بعملك لو تفانيت به واديّته بشغف و حب لأن وظيفتك وإن كنت موظفاً بسيط تدير عجلة الحياة!.
اضافةتعليق
التعليقات
2020-10-19
2023-04-28