في شهر مبارك، وفي أيام مباركة، وفي أطهر بقاع الأرض، ولد بطل الإسلام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ابتدأت حياته بالمعجزات، فلقد كرمه الله تعالى بأن كانت الكعبة مهده، ولم يكن ذلك فحسب وإنما دخول أمه إلى باطن الكعبة مازال معجزة ظاهرة بينة إلى يومنا هذا، فلقد انشق جدار الكعبة لفاطمة بنت أسد لتدخل فيها وتبقى داخلها تأكل من ثمار الجنة ثلاثة أيام فلا أحد استطاع أن يدخل إليها في ذلك الموضع حتى وضعت جنينا وخرجت هي من باطن الكعبة مرة أخرى من نفس الموضع الذي انشق مرة أخرى لتخرج منه حاملة جنينها، ذلك الموضع الذي مازال ظاهرا بينا ومهما حاولوا اخفاءه فلا يزول ولا يخفى.
هكذا ابتدأ حياته في حجر الكعبة، وبعدها انتقل من ذلك المكان الطاهر إلى حجر أطهر البشرية من الأولين والآخرين، حيث جاء يوم أصاب قريش أزمة قحط وكان أبو طالب كثير العيال فقال الرسول لعمه العباس أن يقوما بتخفيف الحمل عن أبي طالب فأخذ النبي الإمام علي فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه، فلم يزل علي (ع) مع رسول الله (ص) حتى بعثه الله نبيا، واتبعه علي (ع) وصدقه وآمن به.
وكان لوجود الإمام علي (ع) وتربيته في بيت النبوة آثارها البالغة، فكيف لا وهو ربيب من قال فيه الله تعالى في محكم كتابه: (وإنك لعلى خلق عظيم)، ولقد اهتم رسول الله (ص) غاية الاهتمام وبذل ما في وسعه في تربية علي (ع) وتأديبه وتقوية نفسه وتوجيهه، فأنتجت تلك التربية الفريدة في نفس علي (ع) أحسن الأثر، فاستحق بذلك أن يكون نفس النبي في آية المباهلة، كما استحق أن يكون وصي رسول الله وخليفته.
وكان الإمام عليه السلام فارسا مغوارا يشهد ببطولته حتى أعداؤه، ما خرج عليه مبارز قط إلا صرعه، وقاتل مع النبي في جميع غزواته فلم يتخلف عنه قط، وكان يدخره النبي لأصعب النزالات والمهمات التي لا يقدر عليها إلا هو، وهكذا قضى حياته عليه السلام في كنف الإسلام لم يحد عنه أبدا، يدفع عن دين الله بنفسه، ولا يخاف في الله لومة، فابتدأ مسيرة الفداء من فراش النبي حين بات في فراشه عندما أجمع قوم قريش على قتله، وبفضله هزم المسملون اليهود في خيبر، وله الكثير من البطولات التي يعجز عن ذكرها وكتابتها القلم.
وكما بدأ حياته عليه السلام في وسط الكعبة فقد ختم عليه السلام حياته في المحراب، ابتدأ في بيت الله وانتهى بين يدي الله، فما أعظم هذه الشخصية العظيمة، وما أعظم تاريخها.
اضافةتعليق
التعليقات