في بعض الاحيان يهتز كياننا وتعتصر قلوبنا وجعاً وتمتلئ المُقل بدموع حارقة، نشتاط غضباً ونترقب الخسارة والندم، كُل هذا بمجرد تخيلنا حدوث أمور نغشاها!.
ف "ماذا لو" حدثت فعلا؟!!
كثيرة هي المخاوف التي تراود مُخيلة نسبة كبيرة من الاشخاص بسبب ظنون واهية تكون في الغالب على نحو سيء حيث يأخذهم التفكير العميق بمجرى الاحداث وتسلسلها الى ما لا يطيقون حدوثه، مثلاً: هناك من يخاف فكرة الفقد، كفقد سند، عزيز أو حبيب في يوم من الايام، وكيف له ان يحيا من بعده!.
"ماذا لو" قرر هذا العزيز قطع صلته به!!؟ أو رحل الى جوار ربه؟ و"ماذا لو" إختار هذا الحبيب الانفصال عنه لسبب ما قد يكون هو المسبب له وربما العكس صحيح!!.. وهناك من يخاف الفشل الذي يعتقد بأنه سينتج عن العمل الذي يود القيام به "ماذا لو" لم يؤديه بالشكل المطلوب؟ فيحبذ التخلي عنه رغم نسبة نجاحه العالية!.. وهناك من يتردد في عقد صفقة تجارية تكون فيها فرص الربح وفيرة ولكن "ماذا لو" لم تُصرف البضاعة كما خُطط لها؟ فيفضل البقاء على دخله القليل كما هو على ان لا يضاعفه بالكثير مع وجود احتمال ضئيل لخسارة بسيطة قد يتسبب بها لنفسه!! وهناك من.. وهناك من ..
انهم يخافون المجازفة ويخشون الخسارة، وهكذا دائما ما يعيشون في قلق، و يهدرون الفرص!.
إن كنتم من هؤلاء الاشخاص الذين يجهدون انفسهم ويتعبون قلوبهم وينصبون المآتم في أرواحهم ويعلنون الحداد على أمور لم تحدث بعد وربما لن تحدث ابدا!! إعلموا ان الحياة التي نعيشها الآن كل شيء فيها قابل للحدوث والتغيير حسب الظروف المؤاتية وهذا أمر طبيعي جداً ولا نقاش فيه، وبالمقابل قد انعم الله علينا بنعمة النسيان والصبر والسلوان والامل والمقاومة ونعم كثيرة نحن غافلون عنها..
قال تعالى في محكم كتابه الكريم {وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون} سورة البقرة آية (٢١٦).
وهو خير سند ومُعوِض لمن يفقد سنده، ولمن يفشل أو يخسر، فبمجرد ان يسعى العبد سيُعينه الله ويُعطيه من فضله، وانما الخسارة الحقيقة لمن يخافها فلا وجود للربح دون خسارة..
عليك ان تتشجع وتواجه مخاوفك وتضع لها حدا فلابد من حدوثها ما دمت تغشاها، اعزم على خوض التجربة التي تُخيفك كي تنتصر عليها وتتخلص من قيودك وهواجسك، والمحاولة قد تكفي ..
ولتتبين لك الحقائق جرب "لمرة" ان تغيظ صاحبك لأبعد الحدود وتُقصر بحقه فإن عذرك وتحمل عنك فإنه يستحق مكانته لديك، وان بادرك بالمثل وتركك فهذا خير لك..
عليك ان تُجازف لتنال الافضل كما قال الشاعر (احمد شوقي): وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا..
فعلى الانسان العاقل ان يَعمل ويَعمل ويحاول حتى ينال مراده، ولكن بما أحله الله تعالى وكما قال سيد البلغاء أمير المؤمنين الامام علي "عليه افضل الصلاة والسلام" (إعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا وإعمل لآخرتك كأنك تموت غدا)..
ولا بد لك ان تسقط في عملك مرة ومرتين واكثر حتى تتعلم النهوض من جديد والسير على الطريق الصحيح..
كُن مستعداً في كل الاوقات والظروف وما عليك سوى استيعاب الحدث والعمل على إدراكه وتخطيه..
إجعل ثقتك معززة بخالقك واطلب منه ان يشملك برحمته ويغمرك بكرمه انه هو السميع المجيب.
واجه مخاوفك لتضمن نجاتك في كل الاحوال، وفي كل مرة تقول فيها: "ماذا لو" توكل على الله وحاول ان تُجرّب وستُذهل بالنتيجة .
اضافةتعليق
التعليقات