هذا الرجل ولد من ابوين ثريين كانا يتوقعان له مستقبلاً مرموقاً، وربما لذلك كان الأب ينزعج كثيراً عندما يراه وهو في الثالثة عشرة من عمره، يهتم للمتفجرات الخطرة، وكان الأب يتساءل وهو يراه يلهو: ترى ماذا سيصير عندما يكبر؟ أيصبح مفجّر خزائن لسرقة محتوياتها؟
وكانت حجة هذا المراهق أن أسهمه النارية وصواريخه الجوية، ستكون مصدراً مدهشاً لطاقة يمكن أن تستعمل في مجالات مختلفة.
ذات يوم حصل هذا المراهق من صديق له على ستة أسهم نارية، فأخذ يفكر في طريقة استعمالها. ولاحت منه التفاتة نحو ميدان مواجه لبيتهم فرأى عربة صغيرة حمراء معطوبة، فخطرت له فكرة: إذا كان احد تلك الأسهم يستطيع الارتفاع نحو السماء ففي إمكان عدد منها تحويل هذه العربة إلى قذيفة!.
وأسرع إلى ربط سهمين بكل واحد في جوانب العربة، ثم أشعل الفتيل وتراجع وقلبه يخفق، فانفجرت الأسهم ملتهبة وقذفت العربة الى الشارع.
تاه الصبي عجباً واندفع نحو العربة، فقد أحرقت أسهمه خمس عمارات بعيدة محدثة انفجاراً عظيماً. وخرج الجيران من منازلهم فرأوا صبياً يرقص حول هيكل محترق للعبة طفل. وإذ بشرطي يصل إلى المكان.
كل ما كان هذا الصبي المنذهل يستطيع قوله: "نجحت.. نجحت"، فأعتقله الشرطي واقتاده الى السجن حضر أبوه الى دائرة الشرطة ووبّخه بعنف، لكنه لم يكن ليتغلب أبداً على انفعاله، وقد أصبح الصبي من الاختصاصيين القلائل بتكنولوجيا الصواريخ.
وفي الرابعة والعشرين من عمره صنع لهتلر صواريخ (ف- ٢س) التي قصف بها لندن، وعندما حاصر الحلفاء المانيا واستسلم قسم منها للروس وقسم للأمريكان عمل هو في الولايات المتحدة الأمريكية، ولولاه لما تمكن صاروخ (ساترون ف) من حمل الإنسان الى القمر، كان اسمه (فرنرفون براون) الذي ولد عام ١٩١٢ـ ومات عام ١٩٧٧.
أرأيتم كيف يكون التطوير: طفل في الثالثة عشرة يفكر في أن يجعل عربة معطوبة تطير في الهواء.. ثم تتطور العربة حتى تصبح مركبة فضائية تطير إلى الكواكب والنجوم.
فالتجديد هو سر استمرار الوجود، والبقاء على حالة واحدة معناه الموت، فلو ان الليل لم يتحول الى نهار، أو ان النهار لم يتحول الى ليل او ان الطفل لم يكبر او ان الكبير لم يهرم او ان الشتاء لم يتحول الى ربيع لكانت الحياة جامدة كجمود المقابر التي تتركها الآن لتعود إليها بعد الف عام لتجدها كما كانت، لا حركة فيها ولا تغيير ولا تبديل.
فالتجديد هو قانون الحياة، ومن يتناغم من هذا القانون يتطور عمله، ويتجدد فيه، ويأتي دائماً بالجديد سيكتب له النجاح، امّا من يرفض التجديد، ويقبل بالجمود فيحكم على نفسه بالفشل..
(مقتبس من كتاب أساليب النجاح/ سيد هادي المدرسي)
اضافةتعليق
التعليقات