إن عاشوراء حصن ورادع صلب وهو نجاة الناس في زمن الفتن، فإذا التزم الناس بعاشوراء وبقيمها حفظوا هويتهم الذاتية وأصالتهم وأخلاقهم وإذا ضيعوها فقدوا هويتهم، وانسلخوا منها وخسروا أولادهم والأجيال القادمة.
فزمننا كثرت فيه الفتن وبات الانسان غير قادر على سلامته الفكرية وصحته الروحية فعبودية المادة سيطرت عليه؛ إذ نلاحظ أن جُل اهتمام الدول هو تحريف الشباب وافساد المجتمع إذ يستغلونهم بالخداع والتحريف، ليتخلوا عن دينهم ومعتقداتهم؛ وإذا لم يحصنوا أنفسهم بعاشوراء فشياطين الإنس يستولون عليهم مهما حاولوا الافلات.
فيُصابون بالوهن الداخلي الذي يتيح الفرصة للسيطرة من قبل الحكام ومن يسعى لتحريف الدين وإبعادنا عن الحسين وآل البيت. فالوهن الداخلي بداية فساد الأمة والابتعاد عن معتقداتهم وأفكارهم وهذا عامل أساسي للضعف والخواء والهشاشة في المجتمع. والسيطرة عليه؛ كما كان فرعون وآل أمية، هم كانوا رجال عاديين لكن الأمة الواهنة هي من جعلتهم يصلون لهذا الحد. الذي جعل فرعون" فرعون" هي الأمة نفسها، كما ذُكر في القرآن الكريم "فاستخف قومهُ فأطاعوه"؛ الاستخفاف أي استخف بعقلهم، وهذا ما سيؤول لهُ المجتمع فالسيطرة الفكرية أشدُ جرما من السيطرة الجسدية فإذا ما سيطروا على الفكر أصبح الإنسان آلة مُسيرة عندهم.
إن أول أعراض من يصاب بالوهن؛ الجاهل، ومن يتبع شهوات نفسه؛ يقع من ليس لديه صلابة، ليس لديه حصانة ذاتية، يضلله ويغريه الإعلام الكاذب. وفي هذا الزمان الصعب لاحصن لنا غير الحسين وعاشوراء فقد أصبحنا نتنفس الكذب والضلالة لكثرتها في وسائل الإعلام والمجتمع بكلِ مكان.
وعلى الإنسان أن يستمع ويتفقه كي لا تُضلله كلمات أو موقف، وعلى ذوي العلم والمعرفة أن ينتبهوا لطرحهم إذ إن الطرح وتناول المواضيع في غاية الأهمية، فلابد أن يتناولوا المواضيع التي تشذب أخطائهم وتصلب وهنهم وتثبت أقدامهم.
فإنَ الأمة بلا علماء وخطباء ومرشدين يضيعون، ويستولي عليهم أعدائهم. وقد بين الإمام الصادق (عليه السلام) فضل العلماء الذينَ يفقهون المجتمع ويهدونه بعد حديثٍ طويل عن الشيعة والفقهاء فقال:
"فاذا ماانتصب لذلك من شيعتنا. أي ثبت ورسخ العقيدة بقلوب الناس فإن فضله أفضل ممن جاهد في معركة الروم والترك والخزر، لأنه يدافع عن أرواح محبينا".
وقيمة الإنسان وكرامته بدينه وبروحه . فالجسد يضمحل تحت التراب، ويُفنى. وحتى في الآخرة وفي عالم البرزخ قيمته ومقامه ووجوده وكرامته على مستوى دينه وليس على أكله وشربه. لذلك فإن الدرع الذي يقي الناس من الانحرافات والضلالات التي باتت تدخل في بيوتهم وأسرتهم وطعامهم ولباسهم حتى. فلا شيء سوى عاشوراء والحُسين نجاة الناس في زمن الفتن..
اضافةتعليق
التعليقات