ساد الظلم في زمن حاربت السلطات وسائل الاعلام ولم تسمح لها برؤية النور، والان نعيش في زمن يمكن بسهولة لوسائل الاعلام ان ترى النور ولكنها لا تؤثر ولا تنتج، هذا زمن تنطبق عليه مقولة لا ارى لا اسمع لا اتكلم، نرى الحقيقة أمام اعيننا لكننا نختار الجهل بالحقيقة والتجاهل بالوقوف ساكنا دون فعل شيء.
الشعب يعلم بأن الحاكم فاسد والحاكم نفسه يعلم بأن الشعب يعلم بأنه فاسد ولكن كلاهما اختار التغاضي عن الامر.
بما اننا بلد ديمقراطي هذه مقارنة بسيطة بين بلدنا وبلد اخر ديمقراطي يدعى كوريا الجنوبية، حيث تجمعت حشود كبيرة في ليلة رأس السنة الجديدة في كوريا الجنوبية للانضمام إلى مظاهرات تطالب بإقالة الرئيسة "بارك جيون هاي".
بسبب فضيحة أدت إلى أزمة سياسية بسبب مزاعم بأنها سمحت لصديقة لها بالتدخل في شؤون الدولة.
وقد قال "لي هاي جين" أحد المتظاهرين إن "تشوي أظهرت أن ديمقراطيتنا تتحطم"، معربا عن أمله أن يرى إصلاح الديمقراطية في 2017. واتهمت تشوي باستغلال علاقاتها بالرئيسة بارك لممارسة نفوذها في شؤون الدولة وتسريب مستندات الرئاسة وتعيين كبار الموظفين الحكوميين وإجبار عدد من الشركات الكبرى على التبرع لصالح مؤسستي "مير" و" كي- الرياضة" واستغلال أموالهما لأغراض شخصية وغيرها.
بالنتيجة أصدرت النيابة أمراً، بالقبض على تشوي سون- سيل للتحقيق معها، بتهمة إساءة استخدام السلطة ومحاولة الغش والحصول على وثائق حكومية سرية والتدخل في شؤون الدولة.
وانتهت المظاهرات بإقالة الرئيسة من منصبها حيث قدمت استقالة ووافق النواب بالإجماع على طلب الاستقالة.
في نفس اليوم والتاريخ تجمع العشرات من المواطنيين في بلدي للاحتفال برأس السنة، للاحتفال بدولة ديمقراطية يتولى مناصبها من يسرقون اموال البلد ويتآمرون مع المستعمرين على تقسيم خيرات البلد فيما بينهم وتمزيق وحدة البلاد.
حكومة تعمل على تدمير الاقتصاد العراقي عبر اغلاق المصانع والمعامل ذات الجودة العالية من اجل عقد صفقات تجارية أجنبية مع معامل اقل جودة لغرض سرقة الاموال والتغطية عليها من خلال عمليات الاستيراد والتصدير.
حكومة انهت الزراعة في بلد تتوفر فيه كل العوامل الطبيعية والأولية والمادية لإنجاح الزراعة والنهوض بالدولة الغارقة بالديون نتيجة سياسة اقتصادية اسهمت في تحويل الاقتصاد العراقي الى استهلاكي ولم تبذل اي جهد لإصلاح واستغلال الاراضي حتى المملوكة منها للدولة.
وتجدر الإشارة الى ان الاهتمام بالزراعة أمر مهم لا جدال فيه لان من خلالها تتم معالجة مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل بأعداد كبيرة والتخلص من آفة العنف والإرهاب التي تجد لها في الريف حاضنة من خلال التستر في مناطق غير مأهولة ونائية يصعب الوصول إليها.
اهمال الزراعة من قبل الدولة ادى الى ازدياد الهجرة إلى المدن نتيجة تدني الخدمات التعليمية والصحية في الريف، فانخفض عدد العمال الزراعيين انخفاضا كبيرا. بفعل هذه العوامل ارتفعت الواردات الزراعية حتى أصبحت التغذية تابعة للخارج بصورة شبه كلية.
مع العلم ان من ابسط الحلول الخاصة بمشاكل الزراعة هو انشاء مدارس متخصصة بالزراعة والتربية الحيوانية والصحة العامة في الريف بدلا من التعليم البدائي المتدني.
فهذه المدارس من شأنها انتاج جيل كامل يعمل على تطوير الزراعة وحل المشاكل التي تعاني منها وبالتالي تطوير حياتهم، وايضا من شأنها ان تزرع حب الارض والزراعة في نفوس الاطفال بدلا من الانتقاص منهم كونهم اطفال الريف، فهذا ما دفع معظم الفلاحين الى الهجرة الى المدينة والغرق بعالم الانترنت والتصفح وترك الاراضي خالية.
لا توجد دولة في العالم خالية من الفاسدين، اكثر من يصعد على الكرسي فاسد ولكن هنالك فرق بين من يتحرك لمحاربة الفساد ومن يقف ساكنا يراقب السفينة تغرق امام عينيه. اليوم انا لا ارى لوسائل الاعلام في بلدي اي تأثير، لأن ملفات الفساد تشهر في وجه الفاسدين على وسائل الاعلام امام الشعب ولكن دون جدوى، فليست هنالك دولة او قانون لتتخذ التدابير، وتعاقب الفاسدين، نحن فقط نكتفي بالمشاهدة.
اما في دول العالم فإن للصحف تأثير كبير، إذ أنها بقوتها أزاحت حكومات وزعماء من مناصبهم، تماما كما تفعل الثورة الاعلامية اليوم.
حيث أطلق على الاعلام مصطلح السلطة الرابعة، لما له من هيمنة على أفكار الناس وتوجهاتهم، حيث بإمكان الإعلام أن يكون قوة بيد الحكومة مع سلطاتها الثلاث، أو بإمكانه أن يكون قوة في ايادي الآخرين.
السؤال هو؛ لماذا لا يمارس الاعلام سلطته في الدولة؟! هل هو بسبب عدم وجود دولة حقيقية؟!
ام لأن الشعب اليوم هو شعب غير واعٍ وغير مثقف وغير مدرك لما حوله، فالجيل الصاعد اليوم من الشبان والفتيات هو جيل غير ملم بالسياسة او الثقافة او الدين اطلاقا، فهو مبرمج على اتباع الموضة وقصات الشعر على الرغم من انتشار البطالة بشكل كبير في مجتمعنا فنحن بالنهاية شعب لا يهتم سوى بالمظهر و اقتناء احدث واجمل الملابس واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الماركات والمنتجات.
يقول مالكوم اكس: "وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. لديهم القدرة على جعل الأبرياء مذنبين وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة. لأنها تتحكم في عقول الجماهير".
آمل ان يأتي الوقت الذي تحظى فيه وسائل الاعلام بسلطتها الحقيقية، وان تمارس دورها بحرية دون قيود، وان يكون لها وزنها الحقيقي لما لها من دور كبير في المساهمة في توعية وتثقيف المواطنين، والكشف عن الفساد وحماية حرية التعبير لأن هذا الحق ملكية خاصة لكل مواطن.
هذا الوقت لن يأتي الا عندما يخرج للساحة برلمانا حقيقيا وليس بيادق شطرنج يحركها الاستعمار.
اضافةتعليق
التعليقات
[email protected]2017-05-30
الموضوع جيد كتنظير خالي من الدقة والمعالجات وقد يكون الإختصار هو السبب.
Iraq2018-04-04