كنت اكتبُ إليك.. وفي القلب شجوى، كان القلم أناملي والحبر دموعي، (كثيرا من الرسائل القصيرة هيئتها على شكل قوارب ورقيّة، علّها تصلك شجوني وترحم حالي، ولكن للأسف كانت تذوب قبل أن تدنو من مرافىء عينيك).
كنت في عز شموخك لم تعترف بغيابي في حياتك، لم تبحْ بشيء، ولم تبالِ، كأني شيئا لم يكن!
فهل كنت لا شيء بالنسبة لك؟ ألم تقل أنتِ شمس دنياي، لولاك لمتُّ من فرط الكآبة والهم؟
ألم تقل لن أتركك وحيدة؟ ماذا أصابك ما الذي غيرك لتصبح بهذه القسوة؟ هل إفراط حبي لك هو السبب؟
لطالما كتمت دموعي كي اخفي الوجع وراء ابتسامتي اللعينة، لأنني دائما مرغمة على التباهي برداء القوة، لم يكن لدي خيار آخر كي يكون لي ردة فعل تجاه كل ما يحدث، فأنا وبكل ألم حظيت بإلارتشاف من كأس الألم، من يد الذي تحب!
شاءت الأقدار كي أكون من ضمن أولئك الأشخاص الذين لا يسمح لهم بالضعف أو القلق او الشعور بالألم كأنني لست إنسانة، لطالما سألت نفسي، وحيرتني قسوة الحياة في تعقيدها للأمور، لماذا يكون الحب جميلا أثناء البعد فقط؟ لماذا عندما يلتقي العاشق بالمعشوق تنتهي القصص الجميلة، ويدق الروتين أجراس الرتابة والملل؟
لماذا عندما يفهم الناس انك تحبهم يفعلون بك ما شاءوا؟.
لماذا يصغر بأعينهم كل من يكون أكثر تواضعاً وأكثر إخلاصاَ؟.
لماذا عندما يشعر الناس بأنك تموت لأجلهم، بدلا من أن يحترموك، يرموك في بئر الوحدة كي يتأكدوا من مشاعرك تجاههم ويتركوك كي تنتهي وتموت أنت وحبك وإخلاصك!.
عندها يبادرك القلب الحنون بالقسوة، أنت أيضا تبحث عن قلب آخر، بعد أن جمعت أجزاء قلبك المنكسرة، تبحث عن حجر علّه يفي بالغرض ولا ينكسر من غدر الأحبة، ولكنهم يعرفون نقاط ضعفك، تأتي عباراتهم الحزينة كالصفعة على وجنة قلبك، ولأنها مختارة بعناية، تحطمك من جديد حتى وإن كنت من حجر!.
عندها يكون وقع الألم كبيرًا عليك، لأنهم باختصار كانوا كل ما نملك يوما من الأيام!، لأننا وبكل صدق بنينا آمالنا على شرف وجودهم، وظننا بأنهم نحن، ولكن بات الأمر أكثر تعقيدا مما ظننا!
أدركت بعدها أنّ ثمن الحب والصدق هي الخيانة!، أدركت أنّ ثمن الحب والإخلاص هو أن تُذل! أدركت انك يجب أن تتقطع ألف مرة لأجله كي تنسى غلطة عمرك! وعندما قرأت كلام مولانا أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وجدت أنّ الخطأ يأتي من أفعالنا، لأننا وبكل بساطة لا يجب أن نبذل جميع ما لدينا من أجل الآخرين!
ولا يجب أن نفدي أنفسنا من أجل الآخرين، بل ينبغي أن نحتفظ بوريقات من كتاب حياتنا لأنفسنا، كي يتشوق الآخرون لقراءة المزيد، ولا يرموننا في مكتبة الحياة القاسية، حتى يأكل الدهر ويشرب علينا، ويبني العنكبوت بيته فوق رؤوسنا من كثرة الإهمال!.
يجب أن لا نكون دائما في متناول الأيدي، كي لا نثقل كواهل الآخرين! وكي لا يكون الوصول إلينا، أو الحصول علينا سهلا وممكناً دائما.
قال عليه السلام: (أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وابغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما).
أما الشاعر المعري فقد قال:
خف من تودّ كما تخاف معادياً - وتمار فيمن ليس فيه تمار
فالرزء يبعثه القريب وما درى- مضر بما تجنى يدا أنمار
فيما قال أبو العتاهية:
ليخل امرؤ دون الثقات بنفسه - فما كل موثوق به ناصح الحب
تذكَّر من لم يتكلم عن تقصيرك في حقوقه تجاهه، إنه ليس غبيا بل هو محترم ولديه عزة نفس.
تذكَّر من يحترم المواعيد ويحضر قبل أن يحين الوقت، ولا يتأخر حتى يُبيّن للناس عظمته كي ينتظروه، إنه شخص محترم!.
تذكر أنّ من يحترمك وأنت تسيء إليه، ليس بلا مشاعر، بل إنه يعاملك وفق ما يكتنز في قلبه وثقافته وأفكاره من أدب، وشعوره بأهمية أن يعاملك باحترام وحب، وليس حسب أخلاقك أنت!.
انه باختصار ووضوح شخص مهذب وإنساني ومثقف وواثق من نفسه.
تذكّر إن من يحبك ويحترمك رغم خيانتك له، ليس محتاجا إليك أو حتى الى حبك، بل انه يحترم تلك اللحظات والأحلام والأيام والمبادئ التي جمعتكما معا!.
اضافةتعليق
التعليقات