تقبض معاشها الشهري ثمّ بنفس اليوم تذهب للتسوّق وصرف نصفه على امورٍ تذيّل تحت خانة المظاهر الواهية، فهي تريد أن تكون الأجمل والأنحف والأبهى طلّة، وترغم نفسها على تصديق كذبة الشباب الأبدي الذي و إن وُجِد فلن يتماشى مع ملامحنا الصريحة التي تعلن عمرها ببساطة و ان تلوّنت بالجمال المصطنع ..
مرطب لليل و آخر للنهار، والأثمن منهما فهو مضاد التجاعيد و الخطوط التعبيرية..
ثم تنجرف نحو الثياب الملوّنة و الاساور المزخرفة و احذية منوعة منها تلك التي تحمل الكعب ذو الصوت الموسيقي علّ وعسى بأن تساعدها ألحانه على جذب فارس الأحلام!
فشغلها الشاغل و هدفها الأول في الحياة المظهر ثم المظهر ثم المظهر.. و ثم المظهر ايضاً ..!
حتى اصبحت انثى "إستعراضية"..
فربما تريد بذلك لفت إنتباه الرجل لعله يختارها زوجة بسبب احمر شفاهها، او عسى ان تعجب بها احدى الامهات في المجالس النسائية و تطلب يدها لولدها الجميل ..
"سارة كانت من النوع الإستعراضي، فهي تزوجت بفضل مظهرها و جمالها المبهرج بألوان المساحيق...
كانت تشعل له شموع الحب بكل يوم وليلة، اما لباسها فمحال بأن يتكرر امامه.. تجدد له كل شي دون ملل، اثاث المنزل، اطقم الطعام وكل ذلك لأنه شخص مرموق في المجتمع، وتخشى خسارته ..
قالوا لها حافظي عليه بهذه الأمور ثم أضافوا عليها بأن تختصر جميع الطرق بواحد و هو الطريق الى "معدته"، بأن تطهو له ما لذ و طاب من الطعام ..
تركت عملها.. ثم اصبحت علاقتها مع الناس و الأهل محدودة حتى تخلق له العالم المثالي بكل تفاصيله ..
كان كل ذلك يسعده و يشعره بالراحة، و لكن راحته كانت صامتة.. يأكل بصمت، ينام بصمت.. حتى حين تحاول محادثته يجيبها بأجوبة صامتة تغلق مسرى الحديث !
صمته كان يشعرها بالوحشة، ففي بداية زواجهما لم يكن الوضع هكذا، كان يشاركها الحديث، و يختلق الاجواء المثالية لذلك.. ماذا حدث، ماذا تغير، لماذا هذا الصمت البارد كصعيق الشتاء !.
صارحته بما تشعر.. ثم اجاب ببرود؛ كنت اظن انك مختلفة و لكن اكتشفت بأن انوثتك ليست الا رتوش.. فلو رميتُ جميع مساحيقكِ و عطورك الثمينة و البستكِ المميزة فماذا سيتبقى لدي؟!
اجيبي يا سارة!
- سيتبقى انا.. زوجتك سارة التي تعمل على رضاك..
- بل ستظهر حقيقة خاوية دون قيمة.. اليس كذلك!
اريد زوجة تشاركني روحي و عقلي و مشاعري قبل ان تستعرض انوثتها المصطنعة و يهوي كل ما فيها ان غابت احدى المقوّمات الظاهرية لديها"..
حسناً إنتهت القصة هنا !
و لكن من الذي لهث خلف الجمال الظاهري و من الذي حفزّ الفتيات اللاتي يشبهن سارة على الإستعراض !
فأغلب الفتيات تربت على هذا العقائد.. آدم يحب الجمال..
آدم يحب المظهر..
آدم يحب المرأة المتعطّرة النضرة..
آدم يهيم بجمال شعرها و سحر الكحل بعينيها السوداء..
آدم يعشق انحناءة خصرها..
حتى نضجت بعض الفتيات على هذه المعتقدات و وهبت جميع ما تملك من وقت في سبيل تحقيق ذلك لآدم..
و لكنهم جهلوا بأن يضيفوا نقطة أخرى؛
آدم حين يشبع من جمال المظهر يبحث عن عقلٍ ناضج يشاركه حل مشكلاته و يعينه على إتخاذ قراراته ..
فلنفرض بأنه اختارها لأجل جمالها الخارق بفضل المساحيق الفرنسية.. من سيناقشه حين يود طرح مواضيعه الحياتية معها، هل عقلها النائم سيفعل ذلك ام جمالها المصطنع سيجيب ..
إنتبهي من الوقوع بالفخ الذي يكره آدم، إنتبهي من الوعي الجمعي الذي يسلبك قيمتك الأسمى
فأنتِ انثى خُلقتِ من عقل و قلب و جسد..
لستِ جسدا فقط ..
لستِ للإستعراض فقط ..
اضافةتعليق
التعليقات