عندما تكون السلبية أسلوب حياة، وتكون الأنانية جزء من كياننا، فإن بصيص الأمل في استمرار الحياة قد ينعدم..
يحكى أن رجلا وزوجته أدى بهم تراكم المشاكل والبرود العاطفي إلى قرار الإنفصال! بعد أن استحالت الحياة الهادئة في ما بينهم، ألقت بهم الظروف السيئة إلى المحكمة لفسخ الرباط المقدس الذي كتب بينهم وسط ابتساماتهم وزغاريد من حولهم،
فلم يخطر لأحدهم حينها أنهم سيمثلون أمام قاضي الأحوال الشخصية كلا يشرح مظلوميته!.
إلا أن ومن حسن الحظ أن القاضي كان يتميز بخلق (إصلاح ذات البين) فبعد أن اطلع على ملف القضية واستمع إلى الطرفين قرر أن يمنحهم فرصة أخرى دون أن يخبرهم بما يضمر من نية، عسى أن يتراجعوا عن قرار يهدم بيتهم، ويشرد أبناءهم، ويقتل حب قدر أن يكون عمره قصير لا يتعدى السنوات الخمس.
وراح القاضي يؤجل حكم التفريق كل ما حضروا لاسترداد حريتهم كما كانت تقول المرأة، وخلاصهم من هذه الحياة المتعبة كما كان يرى الرجل..
حتى أنهم جاءوا في يوم وقد بدا أنهم ملو الإنتظار وباتو يتوقون للخلاص، قد جعل كل منهم الحب والأولاد والسنوات العشرة وراء ظهورهم..
وعدهم القاضي بأن يطلقهم اليوم!! بعد أن طلب من الرجل والمرأة أن يكتب كلا منهم خمس إيجابيات يتميز بها شريكه!.
فلم يمانعوا، فأخذ الرجل القلم وراح يتذكر إيجابيات زوجته، فرأى انها تتميز بالكثير من الإيجابيات؛ كانت لا تمل مداراته والأولاد ولم تقصر يوما بواجباتها المنزلية تجاههم، ولم تشتكي يوما بل كانت تلاطفهم بخفة دم لأسعادهم وإن كان على حساب راحتها.
إلى أن بدأ الإهمال يتسلل شيئا فشيئا فكانت تذبل يوما بعد يوم، وتذكر كيف كانت تذكره بوجودها بحياته من أجله، وهو يبرر بضغط العمل بينما كان يتغزل بنساء أخريات لم يعرف عنهن سوى أسماء مستعارة على شاشة هاتفه المحمول!.
بعد أن دمعت عيونه ندما على ما فات وحسرة لما آلت إليه الظروف كتب؛ كانت حنونة، تتميز بخفة دم، هادئة، جذابة، متدينة، ووضع ثلاث نقاط علامة على أن هناك الكثير من الصفات الإيجابية التي لم يذكرها..
وكتبت المرأة بعد أن استذكرت أجمل أيام السنوات الخمسة، كان قد أحبني بما للحب من معنى.. كريم لايبخل بما يستطيع.. يعمل من أجلي والأولاد ساعات طويلة من النهار... غيور حريص لشدة حبه.. كان قريب قبل أن يبتعد..
بعد أن تكسرت الحسرات في صدرها وحبست دموعها سلمت الورقة إلى القاضي وراحت تحدث نفسها؛ كان بالنسبة لي كل شيء، قبل أن يقتل كل شيء جميل بيننا..
ومن دون أن ينظر القاضي إلى ما كتب الرجل وزوجته أخذ الأوراق منهم واستبدلها بينهم وراح الزوجان كلا يقرأ ما كتب عنه شريكه من صفات إيجابية لازال يحفظها له فكانت بمثابة بوابة جديدة فتحت لهم بعد أن أغلقت في طريق حياتهم الزوجية جميع الأبواب..
من هنا أدعوكم أعزائي المتزوجين رجال ونساء إلى أن تنظروا إلى إيجابيات أزواجكم قبل سلبياتهم وأن تنظرا بعين الحب التي تتغاضى عن كل قبيح وتركز على كل ما هو جميل وإن كان قليلا، أو بسيطا، أو يعد من الواجبات، فحتما لكل شخص إيجابيات كما له سلبيات، ولتكن بوابة جديدة تعزز الثقة، وتقوي المودة، وتنشر السعادة والحب بين قلوبكم وتطوي صفحة السلبيات السوداء التي تجعل بينكم مسافات لا تتخطاها أجمل الكلمات وأغلى الهدايا،
قد لا يكون سهلا أن تصبح إنسانا إيجابيا بعد أن كنت تتبنى النظرة السوداوية للحياة!.
لكنه ليس مستحيلا، فالإيجابية أقل ما يمكن تقديمه كمقابل للحصول على السعادة التي تجاهد من أجلها وما هي إلا مهارة تكتسب من خلال الممارسة والمداومة على بعض النقاط:
أولا أن تُكون نظرة إيجابية عن الذات وتتحدث عنها بإيجابية، والتركيز على الصفات الحميدة والإفادة من القدرات الإبداعية، فالايجابيون دائما يملكون التأثير بالشريك ويصنعون التغيير بإرادة عظيمة.
ثانيا: من خلال تنقية النظرة للحياة من السلبية بالتفكير الذي يعود بالأذى على الذات نفسيا وجسديا شرط أن لا يبقى ضمن إطار تفكير إيجابي وحسب بل منه إلى السلوك الإيجابي لكيفية التعامل مع تحديات الحياة وصعوباتها.
ثالثا: تنقية الأسلوب من السلبية وعدم التعامل بأنانية التي تدمر الذات وكل الأشخاص من حولك.
اضافةتعليق
التعليقات