مشاكل قد تصل بالزوجين إلى الانفصال سببها المستوى الثقافي، بعضهم يقول بأنه لا يفرق عنده ذلك والبعض الآخر يقول أنه سبب المشاكل وفي بعض الأحيان يصل بين الزوجين إلى الكره وعدم تقبل الآخر.
حول هذا الموضوع أخذنا رأي البعض حول مدى تأثير المستوى الثقافي على الزوجين؟!
أبدت رأيها زينب علي/ طالبة: إن الاختلاف في المستوى الثقافي ليس ذو تأثير قوي، لكن الأمر مختلف فيما يتعلق بالشهادة الدراسية.
وأضافت علي: إذا كانت الزوجة أعلى من زوجها، فذلك قد يكون مؤثراً في العلاقة الزوجية بشكل سلبي.
وأبدى رأيه محمد قاسم/ معلم: من الأسلم للزوجين قبل أن يرتبطا بميثاق الزوجية بواسطة عقد زواج أن يحاور بعضهما الآخر في فترة الخطوبة، حتى يتبين لهما مدى درجة التوافق بينهما على المستوى الثقافي والفكري ومدى درجة حب كل طرف للآخر، فقبل الارتباط الزوجي يمكن لكل واحد منهما أن يحدد مدى توافقه مع الطرف الآخر وقدرته على الاستمرار معه في إطار علاقة طبيعية وشرعية قائمة على الضوابط التي تحددها مدونة الأسرة أو أن ينصرف كل إلى حال سبيله.
وقد أوضح الدكتور محمد جمال اختلاف المستوى التعليمي والثقافي بين الزوجين حيث قال:
"يُعتبر التكافؤ الاجتماعي والتقارب في المستوى التعليمي، من الدعائم المهمة لزواج مستقر ومتوافق، فالحياة الزوجية نتيجة التفاعل المستمر والمباشر والاحتكاك الدائم بين الزوجين تتسم بالحساسية والتعقيد.
وأوضح جمال أنّ وجود الأطفال في حياة الزوجين يحتاج إلى قدر كبير من الاتفاق بصفتهما المسؤولين عن رعايتهم وتنشئتهم النفسية والعقلية والجسمية، حتى ينشأ الأطفال في بيت يقدم رسائل وتوجيهات متوافقة، وغير متناقضة، ما يُمكِّن الأطفال من الاستجابة لهذه الرسائل من دون اضطراب، وما يجعل من الضروري أن يكون الزوجان على قدر كبير من التوافق النفسي والفكري اللذين يساعدانهما على تحقيق زواج مستقر بصورة طبيعية، وتنشئة سوية للأطفال.
كغيره من الفروق المهمة في الحياة الزوجية، لا تقتصر مشكلات الفرق في المستوى التعليمي أو الثقافي بين الزوجين على الاختلاف في النظرة إلى الأمور، وتقيمها، وتقييم الأولويات وطريقة التعامل مع العلاقات والأحداث فقط، ولكنها تمتد لتؤثر في صورة الزوجين الاجتماعية، ونظرة الناس إلى هذه العلاقة وتقديرهم لها، ما يسبب مشكلات ومواقف مزعجة اجتماعياً لكلا الزوجين، أو أُسرتيهما.
وتشير الدراسات إلى وجود مشكلات وآثار مرتبطة باختلاف المستوى التعليمي للزوجين، خصوصاً حين تكون الزوجة صاحبة المستوى التعليمي الأعلى، منها:
• صعوبة الحوار، وينتج ذلك من استخدام كل من الزوجين منطقاً مختلفاً عن الآخر، فالزوجة تستند في تقييمها ونظرتها للأمور إلى منطق علمي، بينما يستند الزوج إلى منطق اجتماعي، أو إلى خبراته الشخصية في الحياة، وتنجم عن هذا التعارض بين المنطقين خلافات ومشاكل في لغة الحوار بين الزوجين.
• انخفاض مستوى الاستقرار الأسري ورضا كل واحد من الزوجين عن سلوك الآخر. وتشير بعض الدراسات إلى أنّ الزيجات التي يفوق فيها مستوى تعليم المرأة مستوى تعليم الرجل، أقل استقراراً من الزيجات التي يفوق فيها مستوى تعليم الرجل مستوى تعليم المرأة.
• الاختلاف في تربية الأبناء، ويحدث هذا حين تحاول الزوجة تطبيق طرق تربوية علمية، بينما يمارس الزوج طرقاً تقليدية، ويرى أن في الطرق التربوية التي تقترحها الزوجة أسلوباً غير مجد في التعامل مع الأطفال.
• وينجم عن الفرق في المستوى التعليمي اختلاف في تقدير خطورة بعض المشكلات الصحية لدى الأطفال، حيث ترى الزوجة أنها خطرة وتحتاج علاجاً متخصصاً، في حين يرى الزوج أنها بسيطة وينفع معها الاعتناء المنزلي، أو العكس.
• شعور الزوج بتدني تقدير الذات، حيث يؤدي الفرق في المستوى التعليمي، وتراكم المواقف المرتبطة بهذا الأمر داخل وخارج المنزل، إلى انخفاض الثقة بالنفس، إذا لم تكن لدى الزوج نقاط قوة أخرى، أو إذا كان أصلاً يتعامل مع هذا الفارق بحساسية زائدة، وعدم رضا.
• تعرض المرأة للعنف، إذ تظهر الدراسات أنّ الزوجات اللاتي يحملن مؤهلاً علمياً أعلى من أزواجهنّ، يتعرض إلى عنف من أزواجهنّ الأقل تعليماً، بدرجة أعلى من النساء اللواتي يتدنى مستوى تعليمهنّ عن مستوى تعليم أزواجهنّ، أو أولئك اللواتي تتساوى درجات تعليمهنّ مع درجات تعليم أزواجهن. ويحدث هذا أحياناً نتيجة للمواقف المحرجة، التي قد يتعرض لها الزوج، في مناسبة اجتماعية، كأن يُضطر إلى التعريف بوظيفة أو مؤهل زوجته العلمي، مقابل وظيفته ومؤهله، أو بسبب مواقف بين الزوجين، يشعر فيها الزوج بتفوق المرأة، فيشعر بالإحباط، وتصدر عنه ردات فعل عنيفة أحياناً.
• زيادة حدّة المشكلات الأسرية، إذ تترتب على الفارق في المستوى التعليمي، مشكلات وخلافات حادة، إذا ما ارتبط باتخاذ المرأة قرارات مالية في الأسرة، كما تترتب خلافات كثيرة إذا ما ارتبط ذلك بمستوى وظيفي ومهني أفضل من المستوى المهني للزوج.
• يقع الزوجان في مشكلات اجتماعية إذا ما كانا يعيشان في بيئة تنظر إلى الأمر بصورة غير صحية، وكان الزوجان يُلقيان بالاً لهذه النظرة، فالبيئة الاجتماعية التي تنظر إلى الرجل في مثل هذا الزواج على أنّه أقل من زوجته، وغير مكافئ لها، أو تنظر إلى الفتاة على أنها اضطرت لهذا الزواج، خشية "العنوسة" أو ليس أمامها خيارات أخرى، سوف تتسبب بالعديد من مشكلات تقدير الذات والاحترام للزوجين إذا كانا غير قادرين على تجاهل مثل هذه الرسائل أو مواجهتها.
وأشارت الكثير من الدراسات حول التعامل مع المشكلة بنقاط مهمة:
وهذه بعض المقترحات التي قد تساعد على التعامل مع المشكلات الناجمة عن الاختلاف في المستويين التعليميين بين الزوج وزوجته:
1. المحافظة على متانة العلاقة بالحب والاحترام وتجنب المقارنة بينك وبينه. فالحفاظ على متانة العلاقة بالحب والاهتمام والاحترام، يجعل التركيز على الفروق والخلافات بين الزوجين أقل بكثير، ويرفع من معدل الرضا بين الزوجين.
2. تعزيز ثقة الزوج بنفسه، من خلال التركيز على النقاط الإيجابية التي يمتلكها ويتميز بها، وعدم التطرق إلى نقاط الاختلاف، واستثمار النقاط الإيجابية في التعبير عن الإعجاب بالزوج ومواقفه.
3. عدم محاولة جعل الزوج شخصاً آخر. فالانتقال بالزوج من مرحلة غير المتعلم إلى المتعلم أو المثقف أمر ليس بالهيّن، ويحتاج إيماناً كبيراً منه ورغبة وتعاوناً لفعل ذلك. فإذا لم يكن الزوج يرغب في ذلك، فلا تحاول الزوجة إجباره على التغيير ليكون إنساناً جديداً، خصوصاً أنك قد قبلته كما هو عند الزواج، وكنت تعلمين بوجود هذا الفارق المهم بينكما.
ولكن هذا لا يلغي مساعدتك له على تطوير نفسه وثقافته، والعلاقة التي تتسم بالحب والاحترام والتقبل، ستضمن لك استجابة جيدة من زوجك، لذلك حاولي أن تحافظي دائماً على مستوى مرتفع من الحميمية والاحترام في العلاقة.
4. غيِّري طريقة تفكيرك في الأمر، وحاولي مساعدة زوجك على تغيير أفكاره أيضاً، ففارق التعليم بينكما ليس أمراً كارثياً، كما أنّ التعليم يختلف عن الثقافة، فليس كل متعلم مثقفاً، وقد يكون زوجك على قدر جيِّد من الثقافة والاطلاع، ما يساعدكما على تجاوز هذا الفارق، كما أنّ الكثير من الزيجات التي يتساوى فيها الزوجان علمياً ومعرفياً، تعاني أيضاً مشكلات، وليست زيجات ناجحة بالضرورة.
5. الحرص على الهدوء واختيار الأسلوب المناسب عند تقديم المقترحات أو الحوار، من دون محاولة استعراض مستوى من المعرفة يفوق ما لدى الزوج.
6. تجنب نقد الزوج وعدم استخدام لغة التوجيه، فالنقد وتوجيه الأوامر والتعليمات يشعران الزوج بأنّه أقل، ويجعلانه دفاعياً وغير متعاون.
7. علاج مشكلات العلاقة الحقيقية إذا كانت هناك مشكلات، فحين تقولين إن زوجك يتخذ من هذه المقارنة ذريعة للشجار، فإنّ ذلك يعني أنّ الفارق التعليمي ليس المشكلة الأساسية.
8. انتبهي إلى حديثك مع الأطفال والآخرين في ما يتعلق بالتعليم أمام زوجك. فالتركيز على أهمية التعليم بشكل مبالغ فيه، سيوصل له رسالة أنك غير متقبّلة وغير متفهمة لمستواه التعليمي.
9. تعلمي وزوجك، مهارات التواصل الفعّال والإيجابي، كالاستماع والاهتمام والتفهم والتعاطف، وهي مهارات متخصصة من الممكن تعلمها في دورة تدريبية، أو من خلال كتب الإرشاد النفسي، المتوافرة بكثرة، والتي سوف تساعدك على استخدام استجابات أفضل في تعاملك مع زوجك. كما ستساعدك على توجيه الحوار بشكل جيِّد.
10. دربي نفسك وزوجك على تبني أفكار إيجابية وأكثر انفتاحاً في ما يتعلق بنظرة الآخرين إليكما، فليس من الضروري أن يكون المحيطون بكما راضين عن علاقتكما، أو متفهمين لاختلاف المستوى التعليمي بينكما، المهم هو قوة علاقتكما، والحب والاحترام الحقيقي وعدم التركيز على الاختلاف أمام الناس، فشعور الآخرين بمتانة علاقتكما وقدرتكما على تجاوز الاختلاف، سيجردهم بالتأكيد من أي مبررات للحديث عن العلاقة بشكل غير جيِّد، أو المقارنة بينكما.
وأخيرا توصلت الدراسات إلى أن "من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات بين الزوجين في أمر أو مجموعة أمور، إلا أنّ الحب والاحترام والاهتمام والتقبل غير المشروط واستخدام لغة الحوار، ومهارات التواصل الناجح، أكثر أهمية وتأثيراً من أي خلاف مهما عظُم".
اضافةتعليق
التعليقات