خلعت نظارتها ومسدت عينيها ثم زفرت بعمق كمن يخرج الألم من أعماق روحه، أبعدت الأوراق ووضعت القلم على مهل، لم تعنفه كالأوراق وكأنها هي المذنبة، أو يخيل اليها ذلك بعد أن صبت عليها من الحبر ما كان بين جنبات القلب ينخر اوداجه ويعكر صفو سعادته، ثم سرعان ما تناست ذلك وحولت نظراتها الى النافذة بعد ان تناهت الى اسماعها ضحكات من افواه البراءة، ارتسمت على محياها ابتسامة بددت اوجاعها، زوجها وولداها ينظفون السيارة بحماس استعدادا للذهاب ليلا لتلبية دعوة عيد الميلاد.
ما كانت تحبذ الذهاب ولكن إصرار الأولاد على الذهاب وتلبية والدهم لمطلبهم جعلها توافق على مضض، كانت ثمة أمور تقلقها تجعلها تتسائل بصوت مسموع؛ لو أن عيوننا التقت من جديد ماذا سيحدث وهل ستلاحظ صديقتي مدى دناءة زوجها؟.
ام هل سيلاحظ زوجي ذلك؟.
و ماذا عساي أفعل وكيف سأتهرب من نظراته الشيطانية؟
ثم وسواس في داخلها يهون الأمور؛ افتحي جناحيك للحب وطيري في سمائه كفراشة إنه الحب ياصغيرة لا تتعذبي...
ثم تخرسه بصوت من أعماق ضميرها، عاشقة لزوجي انا وفي سماء حبه اطير سعيدة بحياتي معه، وهو يبادلني ذات المشاعر.
ثم ليس هناك ما يسمى بالحب بين امرأة متزوجة ورجل متزوج، إنها ألاعيبك ياابليس!! سأواجهك بما أوتيت من قوة ولاسلطان لك علي..
ما إن وقعت عيونها عليه رأت في عينيه ابتسامة شيطانية...
لم تبادل احدا الحديث لشدة التوتر الذي كان يعتريها على عكسه تماما فهو يبتسم للضيوف ويمازح زوجها ويجامل ولداها، إنه مخادع لعوب لايحفظ صديقه في أهله..
ما إن بدأت الحفلة وابتعد زوجها وأولادها دنا منها وهمس لها: إنني اصطنع الحيل لرؤيتك، ألا ترين أنني مغرم بك. كان قلبها يخفق بقوة ودقاته تقول: ارى انك شيطان..
ثم بنظرات مثبتة بالأرض اجابته رافضة لطلبه، لا استطيع دعوتك للجلوس كما تعلم أن زوجي واولادي يمرحون بعيدا من هنا، أجاب بنبرة ساخرة: ما كنت أتوقع سماع هذه الكلمات والتبريرات من إمرأة مثقفة ومتحررة مثلك.
اجابته بكلمات واثقة؛ هذا لايعني أن أتخلى عن ديني، مبادئي، وأخلاقي، واتناسى أنني متزوجة،
كانت المرأة الضعيفة العاطفية تتحرك لتحتل قلبها ولكن للإيمان جنود تبعد الضعف والاستسلام،
سألها: لماذا تتعذبين وتكابرين؟ جمال المشاعر أنها تشعرنا بالضعف والحاجة لمن نحب، قالت: انا احترم ذاتي فحسب، ذات يوم سنصحوا من غفلتنا على صوت الضمير ونكران الذات بعد وقوع الجريمة..
وهل مشاعري تجاهك جريمة؟ انت تتنكرين للحب، دعي قلبك يختار، ها انا ذا امامك اصارحك بمشاعري، قولي شيئا، ما اسبابك؟
السبب أنني أسير على خطى ذاك الذي قال؛ (وَ اللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ الْأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ بِمَا تَحْتَ أَفْلَاكِهَا، عَلَى أَنْ أَعْصِيَ اللَّهَ فِي نَمْلَةٍ أَسْلُبُهَا جُلْبَ شَعِيرَةٍ مَا فَعَلْتُهُ، وَإِنَّ دُنْيَاكُمْ عِنْدِي لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ فِي فَمِ جَرَادَةٍ تَقْضَمُهَا)! فما بالك بما تطلب!.
كانت تلك الكلمات أشبه بصعقة كهربائية هزته من أعماقه ليصحو بعدها ممتنا لإمرأة عرفت قدر نفسها وصانت زوجها وكانت سبب هدايته.
اضافةتعليق
التعليقات