جالسة على سرير نحيل هزيل الى جانب النافذة التي اغلقتها بإحكام وأسدلت عليها ستارة لاتمر من خلالها خيوط النور إلاّ ماتسلل بصعوبة، تندب حظها العاثر، قد بعثرت صوره هنا وهناك، أحبّته بصدق، وأراد ان يقتنيها بأي ثمن كأي قطعة اثاث في ركن المنزل، في كل لحظة تسأل نفسها هل اذهب اليه، ام اتصل به؟ لأقول له اني احمل نطفته جنين في رحمي، تسترجع لتقول: لا كرامتي لاتسمح بعد ان تخلى عني ولن ارجع لأكون مغفلة من جديد، تتذكر كلماته لوالدته التي سمعتها بالصدفة وهو يلومها انها لم تخطب له محبوبته التي لازال يحبها، يعلو صوتها وتجيب ذاك التأنيب الذي يقتلها في كل لحظة الف مرة، تزوّج بي لإرضائها، ولكن لااستطيع بغضه او حتى نسيانه فأنا لا الومه وانما الوم نفسي ووالداي، اهتممنا بأمور لا تغير واقع حال ولا تجلب السعادة، كل همهما ان يمتلك بيت وسيارة واموال تجلب لي سعادة مزيفة، اما انا فقد شغلني فستان الفرح وأين سأقضي شهر العسل، لم نكلّف انفسنا ان نسأل عن اخلاقه وسيرته، مادام هو غني فهذا المطلوب بالنسبة لنا. قضيت ايام خطوبتي القليلة،
اقلّب المجلات الورقية والمواقع الالكترونية فلا اريد ان اكون تقليدية، انها ليلة العمر، ابحث عن فستان يليق بي ويبهر اميري وفارس احلامي الذي كان ينظر لي اني هي ولست انا، مرت تلك الايام وانا اتنقل بين ارقى المحلات التجارية، بعد عناء اقتنعت ان اشتري فستان ابيض من اخر صيحات الموضة الذي سأزف به الى بيت زوجي.
انه طويل وابيض ناصع، مطرز بأحلى الحلي كما انه غالي الثمن، كل فتاة تحلم ان ترتدي مثله في ليلة كهذه، ادور حول نفسي واحدّثها، انظر بالمرآة واقول حتما سيعجب بي.
لم تخمّن انه عاشق ومغرم بإمرأة غيرها، فهي لم تبحث عن الزوج بل فضلت ان يكون ذا اموال.
فكرت ان تخرج الفستان من الخزانة لتدعسه بأقدامها وتصرخ وتقول انت الذي سلبت سعادتي،
وحتى وان فعلت فأن الاوان قد فات.
يهتم الكثير من الناس بأن يكون الخاطب ذا مال وبيت وسيارة ويعمل بعمل يوفر له اموال كثيرة، متناسين الصفات التي تجلب السعادة والشروط التي وضعها الله ورسوله في الخاطب حيث تقول الأية الكريمة (وان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)، ويقول الرسول الكريم محمد (ص):( من جائكم ترضون دينه وخلقه فزوجوه).
يجعلون الهدف الاول والاخير هو المال وكأن السعادة الزوجية لاتتحقق الا اذا كان الزوج غني.
يتقدم الكثير من الشباب الى فتيات وهم ميسوري الحال الا انهم يواجهون بالرفض من قبل الفتاة او اهلها، او انهم يضعون الشروط التعجيزية مثل غلاء المهر، وطلب بيت مستقل او ان يوفر لها سيارة و...... التي لايستطيع شاب في بداية المشوار على توفيرها.
من اسباب العزوف عن الزواج غلاء المهر
غلاء المهر ووضع شروط على الخاطب يسبب عزوف الشباب عن الزواج وهذه ظاهرة مستشرية في مجتمعاتنا اليوم.
عن مناقشة الموضوع التقينا الباحثة الاجتماعية السيدة جميلة، وبعد سؤالنا عن سلبيات غلاء المهر اجابت: بعد ان يتقدم الشاب لخطبة الفتاة ويواجه بالرفض او ان تشترط عليه الفتاة او اهلها شروط لايستطيع توفيرها فأن الكثير من الشباب يلجأ الى الصداقة مع فتياة من خلال برامج التواصل.
ويلجأ البعض الاخر الى العلاقات المحرمة والعياذ بالله، (صحيح هذا لا يبرر فعلهم) ولكن السبب انه لايستطيع الزواج لأن اهل البنت يضعون شروط للزواج يعجز عن توفيرها اغلب الشباب،
كما ان غلاء المهر يضاعف اعداد العنوسة اكثر.
وبعد سؤالنا عن اسباب ظاهرة غلاء المهر التي بدأت تتفاقم بشكل ملحوض في الاونة الاخيرة اجابت:
اولا: حرص الوالدين اواحدهما على البنت يجعلهم يظنون ان الاموال اوهذه الشروط ستجعل بنتهم تعيش حياة سعيدة مرفهة متناسين ان الاموال لاتجلب سعادة وراحة بال والأهم التوافق بين الطرفين.
ثانيا: الانفتاح الذي حصل في بلدنا ساهم في مشكلة غلاء المهر وزيادة العنوسة وجعل البعض يقتدي بنجوم السينما والتلفزيون ويشترط اشياء واشياء لم تكن في يوم من متعلقات الزواج.
وعن نفس الموضوع التقينا ب سعد البالغ من العمر 49 عام غير متزوج وبعد سؤالنا عن سبب عزوفه عن الزواج اجاب: (لم اعزف عن الزواج ولكن الزواج عزف عني)، لااستطيع ان اوفر بيت ولا املك تكاليف الزواج مثل تقديم ذهب وملابس و... وان كانت بسيطة لا اتمكن.
وعن نفس الموضوع التقينا عمار يقول: تزوجت منذ عامين والى الان اسدد ديون زواجي على الرغم من ان زوجتي لم تطلب الكثير ولكن متطلبات الزواج كثيرة استأجرت بيت واشتريت اثاث ودفعت مهر لزوجتي وهذا غير مصاريف الوليمة وقاعة الاحتفالات وو... وكنت قد خصصت مبلغ لزواجي ولكن اتضح انه لايكفي فضطررت ان استلف.
علي يبلغ من العمر 27 عام يقول: خطبت منذ مايقارب عام ونصف و كنت قد جمعت مال لزواجي ولكن بعد ان تقدمت للخطبة تبين لي ان علي ان أؤخر زواجي الى ان اكمل كل متطلبات العروس واهلها ولا ادري الى متى يدوم التأجيل.
في نهاية جولتي أذّكر الفتياة المقبلات على الزواج بعد أن اتمنى للجميع حياة سعيدة
مليئة بالهدوء والهناء، ان السيدة فاطمة الزهراء (ع) خطبها الكثير من الرجال قبل ان يخطبها الامام علي ومنهم من كان غني ذا اموال ولكن لم توافق على احد منهم ووافقت ان تتزوج من الامام علي (ع)، ومعروف من هو الامام علي (ع) بمهر مقداره 400 درهم اي مايعادل اليوم تقريبا 100 الف دينار عراقي وهي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين.
اضافةتعليق
التعليقات