نبه أحد الأطباء التابعين لهيئة "الخدمات الصحية الوطنية" في المملكة المتحدة (أن إتش أس) NHS جيل الشباب على تطبيق "تيك توك"، إلى أن "التاريخ يعيد نفسه" مع السجائر الإلكترونية، مشيراً إلى أن الحقيقة المرتبطة بمخاطرها تحتاج - تماماً كما في حال التدخين التقليدي - "عقوداً من الزمن كي تتضح مفاعيلها وتظهر مخاطرها".
ويقول الدكتور أحمد عزت، الذي ينشر فيديوهاته على التطبيق تحت اسم "دكتور ميش ماش" Dr Mish Mash "من كان يتصور أنه في عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي، كان هناك أطباء يحاولون على نطاق واسع الترويج لتدخين السجائر على كل لوحة إعلانية، حتى إنهم كانوا يتعاونون مع شركات التبغ، ويدعون أن التدخين يمكن أن يعالج أو يشفي المصابين بداء الربو وضيق التنفس؟".
وأضاف "إذا ما ادعى أي شخصٍ الآن أن سجائر التبغ مفيدة، فسينظر إليه على أنه سخيف للغاية. وبالمثل، فإننا نوعاً ما نرى أن التاريخ يعيد نفسه فيما يتعلق بالتدخين الإلكتروني".
هذا الطبيب المدرج على سجل الجراحة العامة [أنجز مراحل متقدمة من التدريب ليصبح جراحاً استشارياً]، والذي يتخذ من لندن مقراً له، لفت إلى أن هناك كثيراً من أوجه التشابه بين السجائر العادية والإلكترونية "فايب" ،وهي أجهزة إلكترونية مصممة لتمكين الأفراد من استنشاق النيكوتين من خلال السوائل المبخرة، وهي متوافرة مع النيكوتين أو من دونه.
وتابع الدكتور عزت يقول "إذا ما نظرنا إلى تدخين التبغ، فقد تطلب الأمر 40 عاماً لمعرفة الآثار الصحية المترتبة عنه. فلننتظر بضعة عقود أخرى لنرى ما سيحدث مع التدخين الإلكتروني".
وأشار إلى أن "غياب الأدلة الكافية حتى الآن لإثبات ضرر السجائر الإلكترونية، لا يعني بالضرورة عدم وجود أذى. فقد تكون هذه السجائر مضرة للغاية، وربما لا تظهر آثارها السلبية إلا بعد مرور نحو 20 أو 30 عاماً من الآن".
ويأتي هذا التحذير في إطار مبادرة جديدة من تطبيق "تيك توك"، هدفها تقديم معلوماتٍ واقعية من مصادر يمكن الوثوق فيها، في شأن المخاطر المحتملة لتدخين السجائر الإلكترونية، وتوجيه الأشخاص الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين نحو حملة "توك تو فرانك" (تحدث إلى فرانك) Talk To Frank [حملة إعلانية أطلقتها وزارة الداخلية البريطانية لتشجيع الشباب على التحدث مع خدمة "فرانك" Frank التي تعنى بالتوعية إلى أضرار المخدرات].
ومع وجود أكثر من 154 ألف مشاركة على تطبيق "تيك توك" تحمل وسم (هاشتاغ) #vaping و14 ألف مشاركة أخرى تحمل وسم #quitvaping، تشهد منصة التواصل الاجتماعي هذه مناقشة واسعة النطاق حول موضوع التدخين الإلكتروني. ويشارك أيضاً في الحملة منشئو محتوى بارزون على هذه المنصة، مثل الدكتورة إيميكا أوكوروتشا وطالبة الطب كريستينا عالية من أجل المساهمة في توعية المستخدمين وتثقيفهم.
ويشير الدكتور أحمد عزت إلى أن هناك اتجاهاً متزايداً في عدد اليافعين الأصغر سناً الذين يجربون التدخين الإلكتروني ويستمرون عليه في ما بعد. ويؤكد أن "هؤلاء هم الأفراد الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً، والذين لم يسبق لهم تجربة تدخين سجائر التبغ التقليدية من قبل".
وتظهر أرقام هيئة الصحة الوطنية لعام 2022، أن تسعة في المئة من اليافعين الذين تتفاوت أعمارهم بين 11 و15 عاماً، كانوا يدخنون السجائر الإلكترونية في تلك الأعمال. أما بالنسبة إلى الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 عاماً، فكان المعدل مرتفعاً ليصل إلى شخص من كل خمسة.
وفي الأسبوع الماضي، كشفت أرقام جديدة من "مؤسسة السرطان في المملكة المتحدة" Cancer UK أن الارتفاع في عدد مستخدمي السجائر الإلكترونية، كان أكبر بين الأشخاص الذين لم يدخنوا على الإطلاق، بحيث قفز من اثنين في المئة في يوليو (تموز) عام 2016، إلى تسعة في المئة في مايو (أيار) عام 2023، بالنسبة إلى الأشخاص الذين تتفاوت أعمارهم بين 18 و24 عاماً.
وتجذب ألوان السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام ونكهاتها، الأطفال والشباب على وجه الخصوص، وتغريهم على شرائها. ويقول الدكتور عزت إن "الناس يشترون هذه السجائر الإلكترونية الملونة وزهيدة الكلفة التي أراها في كل محطة للحافلات، إذ تبلغ قيمتها جنيهين استرلينيين (دولارين و54 سنتاً). وهؤلاء أطفال في طريقهم من مدارسهم.
ويشير إلى أن "النكهات المتنوعة في السجائر الإلكترونية تجعل التدخين الإلكتروني يبدو عادياً، خصوصاً بالنسبة إلى الأفراد الأصغر سناً. فبدلاً من أن يشتري الفرد علكة أو شوكولاتة على سبيل المثال، فإنه يبتاع جهاز تدخين لأنه يتصور أنه يجعله يبدو عصرياً".
في المقابل، إن انتشار التدخين الإلكتروني بين البالغين ليس بأفضل حالاً. ويقول الدكتور عزت إن "الأهل يدخنون السجائر الإلكترونية على نحو متزايد حول أطفالهم، حتى في الملاعب، لأنهم يعتبرون الأمر بمثابة ’عدم تدخين‘".
ويرى أن "في هذه النقطة يكمن ’الارتباك الثقافي‘. فهناك مفهوم خاطئ عندما لا يدرك الناس تماماً أن التدخين الإلكتروني يعادل في الأساس التدخين التقليدي، وأن السجائر الإلكترونية لا تقل سوءاً عن سجائر التبغ، وتحمل مخاطر مماثلة".
ويتابع قائلاً "لكن - هنا يصبح الأمر صعباً - فالتدخين الإلكتروني له استخداماته، لكنه بالتأكيد غير مناسب على الإطلاق للأطفال أو الأفراد الذين لم يدخنوا من قبل". وتوصي هيئة ’الخدمات الصحية الوطنية‘ باستخدام السجائر الإلكترونية بطريقة خاضعة للرقابة من جانب الأفراد الذين يحاولون الإقلاع عن تدخين سجائر التبغ، لكنهم يجدون صعوبة في القيام بذلك. أما بالنسبة إلى الأشخاص المدمنين على التدخين، فيمكن أن يكون التدخين الإلكتروني مفيداً بالفعل عند استخدامه بطريقة منظمة وتحت إشراف طبيب". حسب اندبندت عربية
اضافةتعليق
التعليقات